للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليست نجسة (١)، وذلك بناءً على اختلافهم أصلًا في تعريف معاطن الإبل، كمَن اعتبروها أماكن إقامتها التي تَأْوي إليها ليلًا، وتبقى ذاهبةً فيها وعائدةً عندما تشرب … إلى آخر العلل التي ذكرها الفقهاء (٢).

قوله: (وَالثَّانِي مَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "صَلُّوا فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا فِي أَعْطَانِ الإِبِلِ" (٣).

إذًا، هذا نصٌّ صريحٌ في جواز الصلاة في مرابض الغنم، ومنعها في معاطن الإبل.

قوله: (فَذَهَبَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الأحَادِيثِ ثَلَاثَةَ مَذَاهِبَ).

الناسُ منهم الجاهل بالشَّريعة، ومنهم مَنْ يَحمِل فكرًا سيئًا، أو حاقدًا على هذه الشَّريعة، فيُعارض الأحاديث، ويستنكر قولَ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بجواز الصَّلاة فِي مَرابض الغنم؛ لأنها تَحْمل الأوساخ والعفن، وغير ذلك، وَهَذا يُؤْتى من الجهل؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر بإقامة مَسَاجد في هذه المَواضع، ولا حضَّ علَى الصَّلاة فيها، وَلَكن المراد أنَّ الإنسان لو صلَّى فيها؛ صحت صلاته.

أمَّا الخِلَافُ فِي معَاطِن الإبِل؛ فلأنَّها فيها نجاساتٌ وروائحُ كريهةٌ، ولذَلكَ نجد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أمرَ مَنْ أكل ثومًا أو بصلًا أن يعتزلَ المسجد، فَقَال: "مَنْ أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا" (٤).

وفي روايةٍ: "فَلْيَعْتزل مُصلَّانا" (٥).


(١) وذلك على اعتبار أن أبوال الإبل ليست نجسةً كما تقدم، وَهُوَ مذهب المالكية، ومشهور مذهب الحنابلة.
(٢) تقدَّم ذكر هذا.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) أقرب رواية لهذا اللفظ ما أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٢/ ٣٩٦)، عن مَعْقل بن يسار، قال: سمعتُهُ يقول: كنَّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسيرةٍ، فَقَال: "مَنْ=

<<  <  ج: ص:  >  >>