للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا مَذْهب البناء، فَهو بناء الخاصِّ على العامِّ، ويعني: تَخْصيص الدليل العام بالدليل الخاص؛ فالأَحَاديثُ التي فيها أن الأرضَ مسجدٌ وطهورٌ عامة، وتُخصَّص بغيرها (١).

قوله: (وَالثَّالِثُ: مَذْهَبُ الجَمْعِ (٢)، فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ وَالنَّسْخِ).

لا شكَّ أنَّ منهجَ النسخ أوْلَى؛ لأن الجمع عادةً تلتقي حوله الأدلة، لكن لا يُجمَع بين نصوصٍ صحيحةٍ صريحةٍ، ونصوصٍ أُخرى ضعيفةٍ واهيةٍ، بل شرط الجمع صحة النصوص وإن اختلفت دَرَجاتُها، كأن يكون بعضها في "الصحيحين"، والأخرى في السنن، أو مشكل الآثار أو التمهيد أَوْ غير ذلك من الكتب دون "الصحيحين"، حتى وإنْ كَانَت كتب الأدب، أو التاريخ، كـ "تاريخ دمشق"، و"تاريخ بغداد"، و"تاريخ الإسلام" للذهبي، و"سير أعلام النبلاء"، وغيرها، ما دام الحديث له سند متصل، وكتب التاريخ مليئة بهذا (٣)، وقَدْ جَمَع الإمام السيوطي رَحِمه الله بعضًا في كتاب "جمع الجوامع" من تاريخ ابن عسافة (٤)، وقد نجد بعض الأحاديث أيضًا في كتب الضعفاء، وإن كانت قليلة الطرق إلا أن هناك طرقًا أُخرى تُقوِّيها فتحسِّنها.


(١) القَائلُون بالتخصيص عندهم تجوز الصلاة في كل البقاع إلَّا ما خصه الدليل من المقابر، وغيرها.
(٢) أَيْ: جمعوا بين أدلة العموم والخصوص، فحملوا كل دليلٍ على وجه، فهؤلاء أجازوا الصلاة في مثل المقابر بشروط كأن تكون حديثةً لم تنبش، وأن تكون طاهرةً لم يصبها نجاسة، وهذا كله قد سبق تفصيله.
(٣) وفي شروط الجمع بين الأدلة، انظر: "المهذب في علم أصول الفقه المقارن" للنملة (٥/ ٢٤٢٠)، وفيه قال: "الشرط الأول: أن يكون كل دليل من الدليلين المتعارضين ثابت الحجية، فلا يجوز الجمع بين دليلين ضعيفين؛ لأنهما ليسا بدليلين. الشرط الثاني: أن يكون كل دليلٍ من الدليلين المتعارضين مساويًا للآخر، فلا يَجُوز الجمع بين دليلٍ قويِّ ودليلٍ ضعيفٍ، بل يُصَار هنا إلى ترجيح الأقوى … ".
(٤) لعل صواب العبارة: "وقَدْ جمع الإمام السيوطي رَحِمه الله بعضًا في كتاب "الجامع الصغير" من "تاريخ ابن عساكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>