للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالخلَافُ ليس على الصحَّة إنما على الكراهة.

وقَدْ ذكرنا ما مَنَّ الله به علينا من نعمة هذه الفُرُش الناعمة التي نُصلِّي عليها، وهي تَسْتوجب منا الشكر، لكن نُهِينَا عن الخُيَلاء، فلا ينبغي أن نُغَالي فيها، كما لا نغالي في حياتنا، سواء في مشينا أو ملبسنا؛ لذلك صح أن "مَنْ جرَّ ثَوْبَه خُيَلاء، فهو في النار" (١).

وفي حديثٍ آخَرَ: من الثلاثة الَّذين لا يُكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يُزكِّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ: الرجل الذي جرَّ ثوبه خيلاء (٢).

فَعَلى المسلمين أن يتواضعوا في مساجدهم وأبنيتهم، كما يتواضعون في أنفسهم، ولذلك وَرَد في الحديث الصحيح: "البذَاذَة من الإيمان" (٣)، حتى وإنْ كان لابسًا ثيابًا حسنةً؛ لأنه ثَبتَ في الحديث الصحيح: "إنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجمال" (٤).

إذًا، الإسلام لا يَمْنع من النظافة والجمال وحُسْن الملبس، ولكنه يُحرم الكِبْرَ والخيلاء، ويحث على التواضع، وقَدْ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٥٦٠٥) بلفظ: "مَنْ وطئه خيلاء، وطئه في النار"، وصححه الأرناؤوط.
وأخرجه البخاري (٥٧٨٣)، ومسلم (٢٠٨٥) بلفظ: "لا يَنْظر الله إلى مَنْ جرَّ ثوبه خُيَلاء".
(٢) أقرب لفظ لما قاله الشيخ، ما أخرجه مسلم (١٠٦/ ١٧١)، عن أبي ذرٍّ، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "ثَلَاثةٌ لا يُكلِّمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم" قال: فقرأها رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرارًا، قال أبو ذر: خابوا وخسروأ، مَنْ هم يا رسول الله؟ قال: "المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب".
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرج مسلم (٩١/ ١٤٧)، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا يَدْخل الجنة مَنْ كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْرٍ"، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة، قال: "إنَّ اللهَ جميلٌ يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس".

<<  <  ج: ص:  >  >>