وفي مذهب المالكية: لا تبطل إذا كان لا يفهم إلا به، انظر: "التهذيب في اختصار المدونة"، للبراذعي (١/ ٣٠٠)، وفيه قال: "وإن سلَّم الإمام من اثنتين فسبحوا به فلم يفقه، فأعلمه أحدهم متكلمًا، فسأل الإمام بقيتهم فصدقوه، بنى فيما قرب، وسجد بعد السلام، ويُجْزئهم مَنْ تكلم، ومَنَّ لم يتكلم". وَكَذَا هو مذهب الشَّافعيَّة، انظر: "حاشية الشرواني على تحفة المحتاج" (٢/ ١٤٠)، وفيه قال: " (قوله: كالناسي) (قوله: كأن سلم فيها … إلخ) ولو سلم إمامه فسلم معه ثم سلم الإمام ثانيًا، فقال له المأموم: قَدْ سلمت قبل هذا، فقال الإمام: كنت ناسيًا، لم تبطل صلاة واحد منهما، أما الإمام فلأن كلامه بعد فراغ صلاته، وأما المأموم فلأنه يظن أن الصلاة قد فرغت، فهو غير عالم بأنه في الصلاة، لكن يسن له سجود السهو ثم يسلم؛ لأنه تكلم بعد انقطاع القدوة". وفي مذهب الحنابلة: إذا كان شيئًا من جنس الصلاة صح، انظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ٣٦)، وفيه قال: "أن يظن أن صلاته تمت، فيتكلم، فهذا إن كان سلامًا لم تبطل الصلاة، رواية واحدة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فعلوه، وبَنَوا على صلاتهم، وإن لم يكن سلامًا، فالمنصوص عن أحمد في رواية جماعةٍ من أصحابه، أنه إذا تكلم بشيءٍ مما تكمل به الصلاة، أو شيء من شأن الصلاة، مثل كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- ذا اليدين، لم تَفْسد صلاته، وإن تكلم بشيءٍ من غير أمر الصلاة كقوله: يا غلام، اسقني ماءً، فصلاته باطلة". (١) أخرج البخاري (٦٠٥١)، ومسلم (٥٧٣/ ٩٧)، عن أبي هُرَيرة: صلى بنا النبي -صلى الله عليه وسلم- الظهر ركعتين ثم سلم، ثم قام إلى خشبةٍ في مقدم المسجد، وَوَضع يده عليها، وفي القوم يومئذٍ أبو بكر وعمر، فهابا أن يُكلِّماه، وخرج سرعان الناس، فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم رجل كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعوه: ذا اليدين، فقال: يا نبي الله، أنسيت أم قصرت؟ فقال: "لم أنس، ولم تقصر"، قالوا: بل نسيتَ يا رسول الله. قال: "صَدَق ذو اليَدَين … ". الحديث.