للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه؛ ومع ذلك لم يستأنف الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلاته، إنما بنَى على ما مضى.

فمن هنا نقول: إن النَّاسي يدخل في ذلك.

وقَدْ فصَّل بعض العلماء، فقالوا: إن كان الذي يظن أن الصلاة قد تمت ولم يحصل موافقة إلا التسليم من الصلاة، فهذا لا يضر، لأنه موافق للنص، أما إن كان كلامه خارجًا عن أمر الصلاة كأن يقول: "ناولني كذا"، أو نحو ما يخرج عن أمور الصلاة؛ فأكثر العلماء على بطلان صلاتِهِ (١) إلا قليلًا يُجَوِّزون (٢).

وبَعْضُهُم يقولون بأن حديث ذي اليدين منسوخٌ (٣)، لأنهم قالوا: إنَّ ذي اليدين مات يوم بدرٍ، ولعله التبس على البعض وإلا فالصحيح الذي حققه العلماء أن الذي تُوفِّي يوم بدرٍ إنما هو الشمالين غير ذي اليدين، فهذا اسمه عمر بن عمر، والآخر الخرباق بن عمر (٤)، فيلتقيان في اسم الأب، ولذلك سنرى أن الذي روى إنَّما هو أبو هريرة الذي أسلم في السنة السابعة يوم خَيْبَر، وللعلماء كلام طويل في هذه المسألة (٥).


(١) وهُوَ الأحناف والحنابلة، كما سبق.
(٢) وهو المالكية والشافعية، كما سبق.
(٣) ممَّن قال بنسخه الأحناف. انظر: "الدر المختار"، للحصكفي (١/ ٦١٥)، وفيه قال: "وحديث ذي اليدين منسوخ بحديث مسلم: "إنَّ صلاتنا هَذِهِ لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس". وانظر التفصيل في: "اللباب"، للمنبجي (١/ ٢٧١، ٢٧٢).
(٤) الصواب أن ذا الشمالين اسمه: عمير بن عمرٍو، وذو اليدين اسمه: الخرباق بن عمرو، كما سيأتي.
(٥) انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٣/ ٢٢١)، وفيه قال: "وما ادعاه الكوفيون أن حديث ذي اليدين منسوخٌ بحديث ابن مسعود، فغير مسلم لهم؛ لأن حديث ابن مسعود في تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة وقت قدومه من الحبشة، وإسلام أبي هريرة كان عام خيبر، وقَدْ صح شهود أبي هريرة لقصة ذي اليدين، وأنها لم تكن قبل بدرٍ. وقولهم: إن ذا اليدين قتل يوم بدرٍ، فغير صحيح، وإنما المقتول يوم بدر ذو الشمالين، ذكر ذلك سعيد بن المسيب، وجماعة من أهل السير: ابن إسحاق وغيره، قالوا: وذو الشمالين هو عمير بن عمرو، من خزاعة حليف لبني زهرة، وذو اليدين غير ذي الشمالين المقتول ببدر، وإن المتكلم كان من بني سليم".

<<  <  ج: ص:  >  >>