للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنهم اتفقوا على أن الصلاة بدون نية غير صالحة، وهنا يفرِّعون مسائل كثيرة على النية لم يذكر المؤلف منها سوى مسألة واحدة سيأتي بيانها.

ومسألة النية - كما قدَّمنا - عُنِيَ بها العلماء، ومنهم مَنْ كتب فيها كتابة مستقلة؛ كالإمام القرافي المالكي المعروف في رسالته المعروفة "الأمنية في إدراك النية"، و "منتهى الآمال في شرح الحديث: "إنما الأعمال … " للسيوطي.

وَتعرَّض لشرح الحديث ابن حجر في "فتح الباري"، وذلك في عدة مواضع، وتعرض له أيضًا النووي في "شرح مسلم"، وغير هؤلاء من العلماء.

والنية هي التي تميز أفعال العباد ما بين العبادات والعادات، ثم تميز بعض العبادات عن بعضٍ، فالوضوء عبادة، والإنسان يتوضأ قد يريد به الصلاة، أو قراءة القرآن، أو الطواف … وقد يتوضأ، أو يغتسل يريد النظافة، وهنا تكون عادة من العادات.

كذلك الصوم، فقَدْ يصوم صيامَ فرضٍ كرمضان، أو تطوعٍ ناويًا العبادة، أو صيام واجب بوفاء نذرٍ، أو صيام لأجل الحِمْية (١) الغَذائية، وتنظيم الغذاء؛ فلا شك أن لكلٍّ نيَّته.

كذلك إنفاق المال، فقَدْ تذهب وتُعْطي أحدًا على سبيل الزكاة، وقد


= وفي مذهب الحنابلة أنها شرطٌ في قول الأكثرين، وقيل: فرض. انظر: "الإنصاف"، للمرداوي (٢/ ١٩)، وفيه قال: "الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، وقطع به كثير منهم: أن النية شرط لصحة الصلاة، وعنه فرض .. قال في "المستوعب": وقال القاضي وغيره من أصحابنا: شرائطها خمسة، فنقصوا منها النية وعدوها ركنًا. وقال الشيخ عبد القادر: وهي قبل الصلاة شرط، وفيها ركنٌ". وانظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ٢٠٠).
(١) "الحمية": ألَّا تدخل طعامًا على طعام، وأن تمسك عن الاستكثار من الأكل. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (١٢/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>