للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الحديث الصحيح: "أنَا أغنَى الشُّركاء عن الشرك، مَنْ عمل عملًا أشرك معي فيه غيري، تركته وشركه" (١).

يقول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: ٥].

وقال: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: ١٤، ١٥]

إذًا، الإخلاص هو عمل القلب، ولا يصح عملٌ إلا به، وعملُ القلب هو النية، والنية محلها القلب، وقَدْ جاء في الحديث الصحيح: "إنَّما الأعْمَال بالنيَّات، وإنما لكل امرئٍ ما نَوَى، فمَنْ كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورَسُولِهِ، ومَنْ كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلَى ما هاجر إليه" (٢).

وقَدْ قدَّر العلماء في هذا الحديث محذوفًا "إنما الأعمال … "، أي: إنما ثواب الأعمال، أو صحة الأعمال (٣)، وهناك عدة تقديرات أُخرى ذَكَرها العلماء في هذا الحديث (٤).

إذًا، النيَّةُ أمرُهَا عظيمٌ، وتميِّز بها بين العادات والعبادات، ولذلك فمَن أخلصَ في عمله، فإنه ينال الثواب، ولذلك عندما نتحدث عن التكبير في الصلاة، سنجد أن العلماء أيضًا تكلموا عن النية.


(١) أخرجه مسلم (٢٩٨٥/ ٤٦)، عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري (٦٦٨٩)، ومسلم (١٩٠٧/ ١٥٥).
(٣) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٣/ ٢٤٤)، وفيه قال: "قوله: "إنما الأعمال بالنيات"، معناه أن صحة الأعمال ووجوب أحكامها إنما يكون بالنية، فإن النية هي المصرفة لها إلى جهاتها، ولم يرد به أعيان الأعمال؛ لأن أعيانها حاصلة بغير نية، ولو كان المراد به أعيانها، لكان خلفًا من القول".
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٣/ ٥٤)، وفيه قال: "قال جماهير العلماء من أهل العربية والأصول وغيرهم لفظة: "إنما" موضوعة للحصر تثبت المذكور، وتنفي ما سواه، فتقدير هذا الحديث: إن الأعمال تحسب بنية، ولا تُحْسَب إذا كانت بلا نِيَّةٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>