للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال ذلك: لو أنَّ إنسانًا جَاءَ إلى صلاة الظهر؛ فهو ينوي فِعْلَ هذه الصلاة، وكذلك ينوي تعيُّنها، لكن هل يحتاج أن يضيفَ إلى ذلك الفريضة، أو أنَّ ذلك معروفٌ بأن الظهر صلاة مكتوبةٌ مفروضة ومحفوظة في هذا الوقت؟

الجواب: بعض العلماء يتشدَّد في نية تعيين الفرضية ويشترطها؛ لأن الصلاة المكتوبة قد تكون فرضًا في حقِّ البعض، وقَدْ تكون غير فرضٍ في حقِّ آخرين؛ فَالصَّغيرُ لا تَجب في حقه، بَلْ هي نفلٌ؛ لأنَّ الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رُفِعَ القَلَمُ عن ثَلَاثةٍ … "، وذكر منهم الصغير حتى يبلغ (١).

كَذَلك الذي أدَّى الصلاة وأراد أن يعيدها مع الجماعة، فهي في حقه نافلة (٢) بدليل الحديث الصَّحيح الذي أخرجَه مسلمٌ في "صحيحه" من


= الفرضية)، ومقابل الأصح لا تجب؛ لأن ما يعينه ينصرف إليها بدون هذه النية بخلاف المعادة، فلا ينصرف إليها إلا بقصد الإعادة".
وَفِي مَذْهب الحنابلة: يُشْترط نية الفعل، وتعيين الفرض، أما نية الفرضية ففيها وجهان، أشهرهما عدم اشتراطها.
انظر المشهور في: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (١/ ١٧٦)، وفيه قال: " (وشرط" بالبناء للمفحول (مع نية الصلاة تعيين معينة)؛ فرضًا كانت أو نفلًا، فيَنْوي كون المكتوبة ظهرًا أو عصرًا، أو كون الصلاة نذرًا، إن كانت كذلك، أو تراويح أو وترًا، أو راتبةً إن كانت، لتمتاز عن غيرها، (ولا) تُشْترط نية (قضاء في فائتة)، (و) لا نية (فرضية في فرض) ". وانظر الوجهين في: "الإنصاف"، للمرداوي (٢/ ٢٢).
(١) أَخْرَجه النسائيُّ في "الكبرى" (٦/ ٤٨٧)، وصححه الأَلْبَانيُّ في "إرواء الغليل" (٢٩٧).
(٢) هذان التعليلان اللذان ذكرهما المؤلف هو حجة مَنْ ذهب إلى اشتراط نية الفريضة، وهو أصح الوجهين عند الشافعية، ورواية عن الحنابلة والمشهورة غيرها، كما سبق. انظر في مذهب الشافعية: "المهذب"، للشيرازي (١/ ١٣٤)، وفيه قال: "وهل يلزمه نية الفرض؟ فيه وجهان: قال أبو إسحاق: يلزمه لتتميز عن ظهر الصبي، وظهر مَنْ صلى وحده ثم أدرك جماعةً فصلاها معهم. وقال أبو علي بن أبي هريرة: تكفيه نية الظهر أو العصر؛ لأن الظهر والعصر لا يكونان في حق هذا إلا فرضًا".
وانظر في مذهب الحنابلة: "الكافي"، لابن قدامة (١/ ٢٤١)، وفيه قال: "قال ابن حامد: ويلزمه أن ينوي فرضًا، لتتميز عن ظهر الصبي والمعادة. وقال غيره: لا يلزمه؛ لأن ظهر هذا لا يكون إلا فرضًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>