للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أبي ذرٍّ، عندما قال له رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيفَ أنتَ إذا كان عَلَيك أُمَراء يُؤخِّرون الصَّلاة عن وقتها؟ "، قال: يا رسول الله، فما تأمرني؟ قال: "صَلِّ الصَّلاة لوَقْتها - أَيْ: وَحْدك - فإن أدركتها معهم، فإنها تَكُون لك نافلة" (١).

وَمِنْ فَوَائد هذا الحديث: أنَّ فيه حَضًّا من الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -، وأمرَ إلزام بلُزُوم جماعة المسلمين؛ لأنه قال: "فَإِنْ أَدْرَكتها معَهم فَصلِّ"، وَحذَّرَه مِن ألَّا يُصَلي معهم؛ لأن في عدم الصلاة معهم افتياتًا على الإمام (٢)، وخروجًا عن جماعة المسلمين في عدم الصلاة معهم؛ فلا ينبغي أن يلقي الإنسان نفسه في الشبهة والريبة؛ ولذلك جاء في قصة الرجلين عندما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما انصرف من صلاته وجد رجلين قد اعتزلا القوم، فجيء بهم ترتعد فرائصهم (٣)، فقال لهما - صلى الله عليه وسلم -: "ما مَنعَكُمَا أن تُصلِّيا معنا؟ " (٤).

وَفِي حَديث الرَّجلين اللَّذين صليا وحدهما، قال لأحدهما: "ألست مسلمًا؟ "، فقال: يا رسول الله، صلينا في رحالنا. قال: "إذا صلَّيتما فِي رِحَالِكُمَا، وأتيتما مسجد جماعة، فصليا، فإنها تكون لكما نافلة" (٥)؛


(١) أخرجه مسلم (٦٤٨/ ٢٣٨)، عن أبي ذرٍّ.
(٢) "الافتيات": افتعال من الفوت، وهو السبق إلى الشيءِ دون ائتمار مَنْ يؤتمر. انظر: "الصحاح"، للجوهري (١/ ٢٦٠).
(٣) "تَرْتعد فرائصهم"، أيْ: تَرجُف وتضطرب من الخوف. انظر: "النهاية"، لابن الأثير (٢/ ٢٣٤).
(٤) أخرجه الترمذي (٢١٩)، عَنْ يزيد بن الأسود، قال: شهدتُ مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حُجَّته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته انحرف، فإذا هو برجلين في أُخرى القوم لم يصليا معه، فقال: "عليَّ بهما"، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ "، فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صَلَّينا في رحالنا. قال: "فَلَا تَفْعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة، فصليا معهم، فإنها لكما نافلة"، وصححه الأَلْبَانيُّ في "مشكاة المصابيح" (١١٥٢).
(٥) الشارح رحمه الله أدخل حديثين في بعض، فهذا الحديث حدث مع رجل، والآخر مع رجلين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>