للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن هذا شذوذ وخلاف، والمأمور به اجتماع المسلمين، وقد جاء الإسلام بجمع كلمة المسلمين، وتَوْحيد صُفُوفهم، ونبذ الخلاف بينهم، والله تعالى يقول: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال: ٤٦]، وقال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)} [آل عمران: ١٠٥].

فيَنْبغي أن تكونَ اجتماعاتُ المُسْلمين حاصلةً في هذه الصلوات الخمس، حيمث يَجْتمعون في اليوم والليلة خمس مرات، ويجتمعون أيضًا في كل أسبوع مرةً في صلاة الجمعة؛ وهكذا تَحْصل الألفة والمودة والقوة للمسلمين.

إذًا، النية أَمْرها مهمٌّ، وَيَجب الاهتمام بها، ومع ذلك نجد أن العلماءَ يَضَعون من مسائل النية استصحاب حكم، أيْ: ألَّا ينوي قَطْعها.

مثال: إنسان يريد صلاة العشاء، فيَنْوي لذلك، ويَسْتصحب تواصلها وإكمالها وعدم قطعها؛ ولذلك قال: "استصحاب حكمها ألا ينوي قطعها".

مثال آخر: لو أن إنسانًا دخل في صلاةٍ من الصلوات المفروضة، ثم تذكر أنه نسي صلاةً فائتةً، فأراد أن يقطع نية الصلاة التي دخل فيها لينتقل إلى صلاة أُخرى، وهنا تبطل صلاتاه (التي دخل فيها، والتي أراد أن ينويها)؛ لأنه قطع النية بنيةٍ أُخرى، وفقَدَ تكبيرة الإحرام للصلاة الأولى، ولم يأتِ بتكبيرة إحرام للصلاة الثانية (١).


= أما هذا الحديث، فأخرج النسائي (٨٥٧)، عن بسر بن محجن، عن أبيه، أنه كان في مجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأذن بالصلاة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم رجع ومحجن في مجلسه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منعك أن تصلي؟ ألست برجل مسلم؟ "، قال: بلى، ولكني كنت قد صليت في أهلي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جئت فَصلِّ مع الناس وإنْ كنت قد صَلَّيتَ"، وصححه الأَلْبَانيُّ في "مشكاة المصابيح" (١١٥٣).
(١) في مذهب الأحناف: لا تبطل صلاة مَنْ نوى قطعها أو نوى الانتقال إلى غيرها.
انظر: "التجريد"، للقدوري (١/ ٤٦٢)، وفيه قال: "قال أصحابنا: إذا دَخَل في الصلاة، ثم نوى أن يقطعها، أو نوى صلاةً أُخرى لم تؤثر نيته في صلاته. لنا: أنها =

<<  <  ج: ص:  >  >>