للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل هذه الأحاديث صحيحة ثابتة في الصحاح، وإنما كان الخلاف بين الفريقين في الأحكام المستنبطة منها.

قوله: (وَقَالَتِ الفِرْقَةُ الأُولَى: مَا فِي هَذِهِ الآثَارِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ العَمَلَ عِنْدَ الصَّحَابَةِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى إِتْمَامِ التَّكْبِيرِ؛ وَلذَلِكَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: "إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - "، وَقَالَ عِمْرَانُ: "أَذْكَرَنِي هَذَا بِصَلَاتِهِ صَلَاةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ". وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ نَفْلًا، فَضَعِيفٌ" (١).

الذي يظهر لي أن المؤلف لم يتعمق في المسألة؛ ولذلك نحن نعود إليها مرة أُخرى فننظر:

أولًا: ما الدليل على أن تكبيرة الإحرام ركن؟

فقد أشرنا إلى أن جماهير العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة يذهبون إلى أن تكبيرة الإحرام ركن (٢)، وبعض الحنفية - وينسبون ذلك إلى الإمام الكرخي المعروف من علماء الحنفية المتقدمين - يذهبون إلى أنها شرط (٣)، وكلهم - أي: القائلون بأنها ركن والذين يقولون بأنها شرط -


= إحداهما: أنها واجبة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعلها، وقد قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" متفق عليه. ولأن الهوي إلى الركوع فعل، فلم يخل من ذكر واجب، كالقيام".
(١) سبق.
(٢) الفرق بين الركن والشرط: أن الركن جزء من الشيء أما الشرط فخارج عنه.
انظر في حد الشرط: "شرح التلويح"، للتفتازاني (١/ ٢٧٩)، وفيه قال: "والشرط في العرف العام ما يتوقف عليه وجود الشيء، وفي اصطلاح المتكلمين ما يتوقف عليه الشيء ولا يكون داخلًا في الشيء، ولا مؤثرًا فيه".
وانظر في حد الركن: "فصول البدائع"، للفناري (١/ ٢٦٥)، وفيه قال: "الركن: فهو ما يتقوم به الشيء وهو جزؤه".
(٣) نقل قولَ الكرخي القدوري في "التجريد" (١/ ٤٧٣)، قال: "هل تكبيرة الإحرام من الصلاة؟ كان أبو الحسن يقول: إن التحريمة ليست من الصلاة، إنما يتعقبها الصلاة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>