للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابتداء لا ما يقوله جوابًا، فلو أنه مثلًا وجد خطأ من الإمام فلا يرد عليه في مثل هذه المسألة؛ ولذلك نهوا عن الفتح على الإمام، لكن أن يذكر منه سبحان الله أو الحمد لله وغير ذلك من الألفاظ فنعم (١).

الثالثة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتحليلها التسليم" أي: تحليل ما سبق وحُرم بتكبيرة الإحرام من كلام وأكل وغير ذلك، فهو بمثابة مفتاح الخروج منها.

وهذا الحديث دليل على أن تكبيرة الإحرام ركن، وهو الدليل الأول في هذه المسألة (٢).

وأما الدليل الثاني: فهو حديث المسيء المتفق عليه الذي مر معنا، وفيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر" (٣). ومعروف أن حديث المسيء إنما اشتمل على الفرائض، وسيأتي الاحتجاج بهذا الحديث للمالكية، ويرد عليهم غيرهم بنفس الحديث.

وفي مسألة الدعاء عند التوجه إلى الصلاة: فالمالكية لا يرون ذلك؛ خلافًا لجماهير العلماء، فهم يختلفون فيما يقوله الإنسان في توجُّهه إلى الصلاة، هل يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك


(١) انظر: "درر الحكام"، لمنلا خسرو (١/ ١٠١ - ١٠٣)، وفيه قال: " (و) يفسدها (الكلام مطلقًا)، أي سواء كان عمدًا أو سهوًا أو نسيانًا أو قليلًا أو كثيرًا (والدعاء بما يشبه كلامنا)؛ نحو: اللهم ألبسني ثوب كذا، اللهم زوجني فلانة. (والأنين) وهو أن يقول: آه، (والتأوه) وهو أن يقول: أوه، (والتأفيف) وهو أن يقول: أف (وبكاء بصوت لوجع أو مصيبة لا لذكر الجنة والنار)، (وتشميت عاطس)، وهو أن يقول: يرحمك الله، وجه إفساده: أنه من كلام الناس إذ يقع به التخاطب بينهم، ولو قال العاطس أو السامع: الحمد لله، لا تفسد؛ لأنه ليس جوابًا عرفًا، ولو قال العاطس لنفسه: يرحمك الله، لا تفسد؛ لأنه بمنزلة قوله: يرحمني الله، وبه لا تفسد كذا في "الظهيرية". (وفتحه على غير إمامه)؛ لأنه تعليم وتعلم فكان من كلام الناس".
(٢) سبق.
(٣) أخرجه البخاري (٦٢٥١)، ومسلم (٣٩٧/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>