للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي نظري: أنَّ أصلحَ الأقوال وأبينها هو القول الثالث.

وعلى ذلك: إن كانت اللحية خفيفةً، فيجب غسلها؛ لأنها حلت محل البشرة فغطتها، ولم تغط البشرة تغطية تداريب البشرة، فالبشرة أصبحت بائنةً وظاهرةً، والوصول إليها سهلٌ.

أما اللحية الكثيفة التي لا تُرَى من خلالها البشرة، أَوْ لَا تُوصَف البشرة بسببها:

فالأئمة الأربعة متفقون على أن تخليلها مستحبٌّ، وليس بواجبٍ (١).

وهناك رواية تُنْقل عن إسحاق بن راهويه -رحمه الله - أنه لو ترك الإنسان تخليلَ لحيته عامدًا، لا يصحُّ وضوؤه، لكن هذا قول ضعيف (٢).

وَقَدْ وَرَد في تخليل اللِّحية أحاديث، وإن كان المؤلف وغيره قالوا: إن كُلَّ الأحَاديث التي وَرَدتْ في تخليل اللحية ضَعِيفَةٌ (٣)، فَالوَاقعُ خلاف


= والمالكية، يُنظر: "التنبيه على مبادئ التوجيه" (١/ ٢١٩)؛ حيث قال: "الشعور النابتة على الوجه إن كانت خفيفةً؛ بحيث تظهر منها البَشَرَةُ عند التخاطب".
والشافعية، يُنظر: "المجموع" للنووي (١/ ٣٧٥)؛ حيث قال: "ظاهر نص الشافعي أن ما ستر البشرة عن الناظر في مجلس التخاطب، فهو كثيفٌ، وما لا فخفيفٌ".
(١) سبق توثيق ذلك إلى الأحناف والشافعية، وتبيَّن أنَّ المالكية يستثنون اللحية الكثيفة؛ فيُكْره تخليلها على الراجح عندهم.
(٢) يُنظر: "مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه" للكوسج (٢/ ٢٦٩)؛ حيث قال: "قال إسحاق: ذلك إذا سها عن التخليل، أو كان متأولًا، فأما إذا ترك عمدًا، أعاد".
(٣) يُنظر: "علل الحديث" لابن أبي حاتم (١/ ٥٥٣)؛ حيث قال: "وَسَمعتُ أَبِي يَقُولُ: لا يَثبُتُ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في تَخليلِ اللِّحْيَة حديثٌ"، وانظر: "نصب الراية" للزيلعي (١/ ٢٣)؛ حيث قال: "روى تخليل اللحية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعةٌ من الصحابة: عثمان بن عفان، وأنس بن مالك، وعمار بن ياسر، وابن عباس، وعائشة، وأبو أيوب، وابن عمر، وأبو أمامة، وعبد اللّه بن أبي أوفَي، وأبو الدرداء، وكعب بن عمرو، وأبو بكرة، وجابر بن عبد الله، وأم سلمة، وكلّها مدخولةٌ، وأمثلها حديث عثمان".

<<  <  ج: ص:  >  >>