للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منع أبو حنيفة الدعاء في الصلاة بغير القرآن؛ لأنه يرى أن الدعاء كلام ولا ينبغي للإنسان أن يتكلم في الصلاة، وقد مرت معنا مسألة الكلام في الصلاة، ورأينا أن الحنفية يشددون في ذلك، وأنه لا ينبغي عندهم للمأموم أن يفتح على الإمام أو يرد عليه بأمر إلا بلفظ من ألفاظ القرآن أو ما فيه تسبيح كما ورد في الحديث (١).

* قوله: (وَمَالِكٌ (٢)، وَالشَّافِعِيُّ (٣) يُجِيزَان ذَلِكَ. وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ: اخْتِلَافُهُمْ فِيهِ، هَلْ هُوَ كَلَامٌ أَمْ لَا؟).

وكذلك أحمد يجيزه (٤)، وهو عندهم كلام لكنه ليس كسائر الكلام، فهو كلام مستثنًى في الصلاة لا يؤثر عليها، وحجتهم: أنه ورد في أحاديث صحيحة، فالدعاء بتلك الأدعية في الصلاة مشروع.


(١) انظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (١/ ٣٤٩)، وفيه قال: " (قوله: ودعا بما يشبه ألفاظ القرآن والسنة لا كلام الناس)، أي: بالدعاء الموجود في القرآن، ولم يرد حقيقة المشابهة، إذ القرآن معجز لا يشابهه شيء، ولكن أطلقها لإرادته نفس الدعاء لا قراءة القرآن مثل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا}، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا}، {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ}، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}. . . ".
(٢) انظر: "الإشراف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٥٥)، وفيه قال: "يجوز أن يدعو في الصلاة بكل دعاء يجوز له بخارجها. خلافًا لأبي حنيفة في قوله: إنه لا يجوز أن يدعو إلا بألفاظ القرآن وما يقاربها". وانظر: "مواهب الجليل"، للحطاب (٢/ ٣٣).
(٣) في مذهب الشافعية: يجوز ذلك لكن مأثور الدعاء أفضل.
انظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (١/ ٥٤٩)، وفيه قال: " (و) يسن (الدعاء في سجوده)، لخبر: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء. . . " ومأثور الدعاء أفضل".
(٤) في مذهب الحنابلة: أنه يكره أن يدعو بغير المأثور.
انظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ٣٦٧، ٣٦٨)، وفيه قال: " (ويدعو بدعاء معهود)، أي: مأثور، إما من القرآن، أو السنة، أو عن الصحابة أو التابعين، أو الأئمة المشهورين، ويكون جامعًا (بتأدب) في هيئته وألفاظه، فيكون جلوسه إن كان جالسًا كجلوس أذل العبيد بين. يدي أعظم الموالي". وانظر: "المغني"، لابن قدامة (١/ ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>