للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسوله، هل يلزمك أن تقول الصلاة على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا شك أنها وردت في الأحاديث وقد علمها الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحابه، وقد قال الصحابي كعب بن عجرة -رضي اللَّه عنه- صاحب القصة التي وردت في الحج-: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا السَّلَامَ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُم صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيد مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".

إذن؛ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- علمهم الصلاة عليه، لكن الكلام هنا في مسألة حكم هذه الصلاة على الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-، مع العلم أن بعض العلماء لا يراها أصلًا، ومنهم من أوجبها وهو مذهب الشافعية، ورواية لأحمد، بل يقول الحنابلة هي الرواية الصحيحة عن الإمام أحمد.

ودليل القائلين بوجوبها: قول اللَّه سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦]. وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب.

قال الإمام الشافعي في توجيه هذه الآية: "هذه الآية تدل على وجوب الصلاة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأدنى أحوالى أن يكون ذلك في الصلاة" (١).

وقوله: (في الصلاة) يعني: في التشهد، فيجب أن يقول المصلي ذلك، وذهب إلى أن هذا التسليم المذكور في الآية هو التسليم من الصلاة، بينما خالفه الجمهور في ذلك وقالوا: إنه التسليم الذي يؤتى به عقب الصلاة عليه.

ومعلوم أن الإمام الشافعي هو أول من أظهر علم الأصول، والحنفية يقولون إنهم كتبوا في ذلك ولكن ما رأيناه، وما وصل إلينا أن أول من


(١) انظر: "نهاية المحتاج"، للرملي (١/ ٥٢٣، ٥٢٤)، وفيه قال: "والأصل في ذلك قوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ}، وقد أجمع العلماء على عدم وجوبها في غير الصلاة فتعين وجوبها فيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>