للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)} [آل عمران: ١٢٨] (١)؛ فترك ذلك؛ لأنه قنت شهرًا ثم تركه، لكن جاء في بعض الأحاديث أنه "ظل يقنت في صلاة الصبح" وهذا هو متمسك الشافعية كما سيأتي.

إذًا، سيَمُرُّ معنا أنَّ مِن العلماء مَن يرى أنَّ القنوت في صلاة الصبح مشروع، وأنه باقٍ في أيِّ حالٍ مِن الأحوال، ومنهم مَن لا يرَى القنوت مطلقًا، ومنهم مَن يرَى أنَّ القنوت يُحتاج إليه عندما تنزل بالمسلمين نازلة، كأنْ يدهمهم عدوٌّ، أو يحل بهم مرض، أو غير ذلك مِمَّا ينزل بالمسلمين في حالٍ مِن الأحوال؛ فإنهم يلجؤون إلَى اللَّه -سبحانه وتعالى-؛ إظهارًا لضعفهم، ولحاجتهم إليه سبحانه، {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر: ١٥].

* قوله: (فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ القُنُوتَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ مُسْتَحَبٌّ (٢)، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ (٣)).

هذه قضية مصطلحية، أي: اختُلف فيها اصطلاحًا، وإلا فعندما نقرأ في كتب الشافعية نجدهم يذهبون إلى الاستحباب، وعليهِ فيرَى مالك والشافعي أن القنوت مستحب في صلاة الصبح؛ إذًا كلمة "سُنة" وكلمة "مستحب" في هذا المقام واحد.


(١) أخرجه البخاري (٧٣٤٦) عن سالم، عن ابن عمر، أنه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقول في صلاة الفجر ورفع رأسه من الركوع قال: "اللهم ربنا، ولك الحمد في الأخيرة"، ثم قال: "اللهم العن فلانًا وفلانًا"، فأنزل اللَّه عز وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)}.
(٢) وهو المشهور عندهم، يُنظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٥٣٩) حيث قال: "وقنوت سرًّا بصبح فقط وقبل الركوع؛ يعني أن القنوت مستحب في صلاة الصبح وهذا هو المشهور، وقال ابن سحنون: سنة".
(٣) سنة مستحبة عندهم، يُنظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (٣/ ٥٠٤) حيث قال: "مذهبنا أنه يستحب القنوت فيها سواء نزلت نازلة أو لم تنزل وبها قال أكثر السلف ومن بعدهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>