للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعروفة، كما أنه حصلت أيضًا قضية أُخرى فيما يتعلَّق بالقراء أيام حرب اليمامة، عندما اجتمع الصحابة عند أبي بكر وأشاروا عليه بجمع القرآن (١)، وتكرر ذلك في زمن عُمَر إلى أنْ استقر ذلك حتى الجَمْعة الأخيرة المعروفة التي استقرت في مصحف عثمان في زمنه، ومَن يدرس التاريخ التشريعي وعلوم القرآن يعرف ذلك تفصيلًا.

* قوله: (وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ).

الليث بن سعد، هو صاحب "الرسالة"، وحصلت رسائل متبادلة بينه وبين الإمام مالك، ورسالته معروفة، وهو أيضًا أحد الأئمة الأجِلَّاء، ولكن الأئمة الأربعة خدَمهُم تلاميذهم، فدَوَّنُوا فقههم وحَفِظُوه، وأَصَّلوا أصوله، وخرَّجُوا على تلكم الأصول، وظلوا يخدمون تلك الآراء، أما الليث (٢)، وغيره، كالثوري، أو الأوزاعي لم يبقَ لهم تلاميذ يخدمون فِقْهَهُم.

فالليث إمام الفقهاء والمُحَدِّثين في مصر قبل الإمام الشافعي، وله مكانة؛ فليس معنى اشتهار الأئمة الأربعة أن الفقه والعلم انحصر فيهم.


= وبني لحيان، استمدوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على عدو، فأمدهم بسبعين من الأنصار، كنا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار، ويُصلون بالليل، حتى كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "فقنت شهرًا يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب، على رعل، وذكوان، وعصية، وبني لحيان" قال أنس: "فقرأنا فيهم قرآنًا، ثم إن ذلك رفع: بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا".
(١) أخرجه البخاري (٤٦٧٩) أن زيد بن ثابت الأنصاري -رضي اللَّه عنه- وكان ممن يكتب الوحي- قال: "أرسل إليّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني، فقال: إن القتل قد استحرَّ يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمر: "كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؟ " فقال عمر: هو واللَّه خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح اللَّه لذلك صدري، ورأيت الذي رأى عمر. . . ".
(٢) أخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٠/ ٣٥٨) إلى الشافعي أنه قال: "الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به".

<<  <  ج: ص:  >  >>