للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الصبح من فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من أنه ترك القنوت بعد أن جلس يدعو على قوم في الصلوات الخمس شهرًا كاملًا. والمالكية والشافعية قالوا: ليس المقصود بتركه هنا ترك القنوت بالكلية، وإنما المراد هو تركه الدعاء عليهم، أي ترك الدعاء على هذه القبائل وترك القنوت في الصلوات الأربع، ولم يتركه في صلاة الصبح، لحديث أنس من مواظبته على القنوت في صلاة الصبح. وذهب الشارح -الشيخ الوائلي رحمه اللَّه- في تأويل الحديث على مذهب المالكية والشافعية إلى أنه ترك القنوت في غير الصفة، أي: تركه في غير النازلة من الصلوات المفروضة لا تركه عمومًا. واستثني صلاة الصبح بحديث أنس. وهذه مذاهب الفقهاء في تناول هذا الحديث الذي دار حوله الخلاف:
انظر في مذهب الأحناف: "البناية شرح الهداية"، للعيني (٢/ ٤٩٤، ٤٩٥)، حيث قال: " (ولا يقنت في صلاة غيرها) أي في غير الوتر (خلافًا للشافعي في الفجر) فعنده السنة أن يقنت في صلاة الفجر بعد الركوع، وبه قال مالك، (لما روى ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- "أنه عليه السلام قنت في صلاة الفجر شهرًا ثم تركه" هذا الحديث حجة لنا على الشافعي، لحديث ابن مسعود، قال: "لم يقنت رسول اللِّه عليه السلام في الصبح إلا شهرًا ثم تركه لم يقنت قبله ولا بعده". وجه الاستدلال به أنه يدل على أن قنوت رسول اللَّه في الصبح إنما كان شهرًا واحدًا، وكان يدعو على أقوام، ثم تركه فدل على أنه كان مشروعًا ثم نسخ".
وانظر في مذهب المالكية: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٥٦)، وفيه قال: "يقنت في صلاة الصبح خلافًا لأبي حنيفة؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقنت فيما رواه أبو هريرة وخفاف بن إيماء والبراء وأنس بن مالك وقال أنس: "ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا". وذكر القاضي عياض تأويل هذا الحديث، فقال: "قيل في معنى قول أنس: "قنت شهرًا ثم تركه": أي ترك الدعاء على هذه القبائل وفي الصلوات الأربع، ولم يتركه في صلاة الصبح، ويدل حديث أنس على استدامته عليه السلام القنوت في صلاة الصبح، وأن الاختلاف عنه في قنوته وتركه على هذا". انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٢/ ٦٥٩).
وانظر في مذهب الشافعية: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ١٥٢)، وفيه قال: "فقنت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلوات الخمس شهرًا حتى نزل عليه {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)} فكفَّ. قيل: إنما كف بعد شهر عن ذكر أسمائهم، وعن القنوت فيما سوى الصبح من الأربع الباقية".
وانظر في مذهب الحنابلة: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ١١٤)، وفيه قال: "ولا يسن القنوت في الصبح، ولا غيرها من الصلوات، سوى الوتر. وبهذا قال الثوري، وأبو =

<<  <  ج: ص:  >  >>