للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأئمَّة الأربعة رحمهم الله على وُجُوب إدخالها (١).

والسَّببُ في هذا الخلاف هو حرف الجر "إِلَى" في قوله: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، هل هي بمعنى "مع"؟

فَذَهب الجُمْهورُ إلى أنَّ "إِلَى" بمعنى "مع" (٢)؛ فَقَالوا بوُجُوب إدخَال المِرْفَقَين.

وَاستدلُّوا عَلَى أنَّ "إلَى" بمَعْنى "مَعَ " بوُرُودها في القُرْآن الكَريم في آيَاتٍ، منها قول الله -سبحانه وتعالى -: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}؛ يعني: مع أموَالكم، {قَالَ مَنْ أَنْصَارِي} [آل عمران: ٥٢]؛ يعني: مع الله، {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: ٥٢]؛ يَعْني: مع قُوَّتكم.

إذًا، ورد لفظ "إلى" بمعنى "مع" في القرآن الكريم.

ثمَّ استدلُّوا بحديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "كان رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ، أدار الماء على مِرْفَقَيه" (٣)، لكنَّ هذا الحديث ضعيفٌ (٤).

واستدلوا أيضًا بما في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنه توضأ، ثمَّ غَسَل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى


(١) في مذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٤٩)؛ حيث قال: " (وفُرُوضه)، أي: الوضوء … (و) الثاني (غسل اليدين مع المرفقين) ".
(٢) يُنظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (١٥/ ٣٠٧)؛ حيث قال: "قول الله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}، فإن أبا العباس وغيره من النحويين جعلوا "إلى" بمعنى "مع" هاهنا، وأوجبوا غسل المرافق والكعبين".
(٣) أخرجه البيهقي (٢٥٦).
(٤) يُنظر: "تنقيح التحقيق" لابن عبد الهادي (١/ ١٩٤)؛ حيث قال: "عن جابر بن عبد الله قال: كان رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضَّأ، أدَار الماء على مرفقيه إلا أنَّ هذا الحديثَ ضعيفٌ. قال أحمد: القاسم بن محمد ليس بشيءٍ. وقَالَ أبو حَاتِم: متروك الحديث"، وانظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (١/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>