للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان في التشهد الأول أو الأخير، وكذلك استدلوا بحديث وائل بن حجر؛ "أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان ينصب رجله اليمنى".

أما المالكية فاستدلوا بما ورد في حديث عبد اللَّه بن الزبير، "أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا جلَسَ للتشهد؛ أطلق قدَم رجله اليسرى ووضعها بين فخذه وساقه" (١)، وهذا أيضًا أطلق ولم يخصص في التشهد الأول أو الثاني.

لكن سيأتي حديث أبي حميد (٢)، يحدِّث أنَّ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- يفرِّق في جِلْسَته بين التشهُّدين، فهو يفترش في الأول ويتورَّك في الثاني.

لكن وقع الخلاف -كما قلنا- بين الشافعية والحنابلة في الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد؛ كصلاة الفجر، وصلاة الجمعة، وصلاة التطوع، فهي صلوات ليس فيها إلَّا تشهد واحد، فهل نلحق هذا التشهد بالتشهد الأخير؛ لأنه يتلوه السلام ويعقبه، أو نعتبره كالتشهد الأول، لأنه لم يسبقه تشهد؟ هذا هو سر الخلاف بين المذهبين، وقبل ذلك وبعده لو جلس المصلي على أي هيئة من هيئات الصلاة متوركًا على مذهب الشافعية، أو مفترشًا على مذهب الحنفية؛ فصلاته صحيحة، وكذلك الحال بالنسبة للحنابلة.


(١) أخرجه مسلم (٥٧٩) عن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه، قال: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قعد في الصلاة، جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، وفرش قدمه اليمنى، ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، وأشار بإصبعه".
(٢) أخرجه البخاري (٨٢٨) عن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه كان جالسًا مع نفر من أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكرنا صلاة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى، ونصب الأخرى وقعد على مقعدته".

<<  <  ج: ص:  >  >>