للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذهب الشافعيُّ إلى الترجيح؛ لأن حديث أبي حميد جاء مُفصَّلًا ومُبيِّنًا هيئة الجلسة في التشهد، أما الحنابلة يلتقون معهم إلَّا في الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد، فعند الحنابلة يجلس مفترشًا، وعند الشافعية متورِّكًا؛ لأنه الشافعية نظرتهم أنه تشهد أخير، وأولئك يقولون هو مثل التشهد الأول؛ لأنه أول تشهد.

* قوله: (وَذَهَبَ الطَّبَرِيُّ مَذْهَبَ التَّخْيِيرِ (١)).

مذهب التخيير قد رُوِي عن كثيرٍ مِن العلماء لا الطبري فقط، ويَعْنُونَ به الجواز، لكن الأفضل والأوْلَى القول الأوَّل، وهو المفصَّل؛ عملًا برأي الشافعية والحنابلة.

* قوله: (وَقَالَ: هَذِهِ الهَيْئَاتُ كُلُّهَا جَائِزَةٌ وَحَسَنٌ فِعْلُهَا لِثُبُوتِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، فَإِنَّ الأَفْعَالَ المُخْتَلِفَةَ أَوْلَى أَنْ تُحْمَلَ عَلَى التَّخْيِيرِ مِنْهَا عَلَى التَّعَارُضِ).

لذلك، نحن نقول: إن الأحاديث عندما يكون ظاهرها التعارض، ويوجد أحاديث يمكن أن تلتقي معها، فنرد تلك، بل أنا لا أرى تعارضًا في الأحاديث؛ كحديث عائشة، وحديث وائل بن حجر، وبين حديث عبد اللَّه بن الزبير الذي لم يذكره المؤلف؛ لا تعارض بينهم، بل الأخير


= المالكية على القول بعموم التورك. يُنظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ١٣٢، ١٣٣)، وفيه قال: "مذهب الشافعي: أن يجلس في التشهد الأول مفترشًا، وفي الثاني متوركًا. وصورة الافتراش في الأولى: أن ينصب رجله اليمنى ويضجع اليسرى ويجلس عليها مفترشًا لها وهكذا يكون في الجلسة بين السجدتين. وصورة التورك في الثاني: أن ينصب رجله اليمنى ويضجع اليسرى ويخرجها عن وركه اليمنى ويفضي بمقعده إلى الأرض. . . فأما أخبارهم فمستعملة على ما ذكرنا من حمل الافتراش على الأول والتورك على الثاني".
(١) وقد نقله القاضي عياض عنه. يُنظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (٢/ ٤١١). حيث قال: "وذهب الطبرى وطائفة من أهل العلم إلى تخيير المصلي في هيئات الجلسات المذكورة في الصلاة".

<<  <  ج: ص:  >  >>