للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجال" (١)، ويعني بذلك أن نجتهد كما اجتهدوا، وهذا يُقبل من أبي حنيفة، لأنه كما هو معلوم يُعد من التابعين (٢)، وهناك خلاف على هذا، لكن هذا هو الأشهر، ويُذكر في ذلك أنه روى حديثًا عن أنس -رضي اللَّه عنه- أحاديث منها، قال: "رأيت أنس بن مالك غائبًا يصلي في مسجد البصرة. . . " (٣)، لا شك أن أنسًا توفي وأبو حنيفة كان شابًّا يافعًا، لكن هل التقى به (٤)، هذا أمر يحتاج إلى تحقيق، فلو قلنا إنه رآه فهو تابعي، بل يذكر الحنفية أنه روى عنه هذا الحديث: "من قال لا إله إلا اللَّه خالصًا من قلبه دخل الجنة" (٥)، وهذا حديث رواه غيره، وهو حديث صحيح (٦).

ومع هذا يقول أبو حنيفة -لما قيل له فيما رآه: هذا الذي انتهيت


(١) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٦/ ٤٠١) حيث قال: "وروى نوح الجامع، عن أبي حنيفة، أنه قال: ما جاء عن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فعلى الرأس والعين، وما جاء عن الصحابة، اخترنا، وما كان من غير ذلك، فهم رجال ونحن رجال".
(٢) ممن ذكره من التابعين الذهبي، إذ قال في "مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه" (ص ١٣): "ولد في سنة ثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان بالكوفة وذلك في حياة جماعة من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، وكان من التابعين لهم إن شاء اللَّه بإحسان، فإنه صح أنه رأى أنس بن مالك إذ قدمها أنس -رضي اللَّه عنه-". ونفى الدارقطني كونه تابعيًّا، ورد هذا في "سؤالات السلمي" للدارقطني (ص ٣١٧) حيث قال: "وسألته: هل يصح سماع أبي حنيفة عن أنس؟ فقال: لا يصح سماعه عن أنس، ولا عن أحد من الصحابة، ولا تصح له رؤية أنس ولا رؤية أحد من الصحابة".
(٣) يُنظر: "تذكرة الحفاظ" للذهبي (١/ ١٢٦) حيث قال: "رأى أنس بن مالك غير مرة لما قدم عليهم الكوفة". وانظر: "الوافي بالوفيات" للصفدي (٢٧/ ٨٩).
(٤) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٦/ ٣٩١) حيث قال: "ولد -أبو حنيفة- سنة ثمانين، في حياة صغار الصحابة، ورأى أنس بن مالك لما قدم عليهم الكوفة، ولم يثبت له حرف عن أحد منهم".
(٥) لم أقف على هذه الرواية من طريق أبي حنيفة.
(٦) أخرجه البخاري (٩٩) عن أبي هريرة أنه قال: قيل: يا رسول اللَّه من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث؛ أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة، من قال لا إله إلا اللَّه، خالصًا من قلبه، أو نفسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>