للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليه هو الحق الذي لا شك فيه؟ -؛ قال: لا أدري، لعله الباطل الذي لا شك فيه.

كذلك الحال بالنسبة للإمام مالك، كان يقول: "ما مِنَّا إلَّا رادٌّ ومردود عليه، إلا صاحب هذا القبر؛ يُشير إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (١).

إذًا، هؤلاء بشَر يُؤخَذ من أقوالهم ويُرَد، وقد يصيب الإنسان ويخطئ، ومالك (٢) إمام دار الهجرة الذي تُضرب إليه أكباد الإبِل (٣) مِن مشارق الأرض ومغاربها، يُسأل عن عددٍ من المسائل، فيقول: لا أدري! (٤) واليوم قد يستحي طالب العلم إذا سُئل عن مسألة أن يقول: لا أدري! وهو. . مَن هو بالنسبة للإمام مالك؟!

والشافعي كما مر معنا، يقول: "إذا صح الحديث فهو مذهبي".

وأحمد يقول: "لا تقلدني، ولا مالكًا، ولا الثوريَّ، ولا الأوزاعي، وخُذ مِن حيث أخذوا" (٥).

إذًا، كل ما أريد أن أصل إليه هو أنَّ رُجحَان القول يعتمد على قوة


(١) نسبةُ هذا الكلام إلى مالك هو المشهور عند المتأخرين، وقد أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (٢/ ٩٢٥)، وابن حزم في "أصول الأحكام" (٦/ ١٧٩) من قول الحكم بن عُتَيبة ومجاهد، وأورده تقي الدين السبكي في "الفتاوى" (١/ ١٣٨) من قول ابن عباس -متعجبًا من حسنه-، ثم قال: "وأخذ هذه الكلمة من ابن عباسٍ مجاهدٌ، وأخذها منهما مالك -رضي اللَّه عنه-، واشتهرت عنه".
(٢) فلان تضرب إليه أكباد الإبل؛ أي يرحل إليه في طلب العلم وغيره. انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٥٣٠).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦٨٠) عن أبي هريرة، رواية: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدًا أعلم من عالم المدينة". وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٤٨٣٣).
(٤) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (٨/ ٧٧) حيث قال: "قال الهيثم بن جميل: سمعت مالكًا سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فأجاب في اثنتين وثلاثين منها بـ: لا أدري".
(٥) ذكره ابن القيم في "إعلام الموقعين" (٢/ ١٣٩) عن الإمام أحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>