للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دليلِه وصِحَّته، وقد تكون الأدلة في كل الأقوال صحيحة، لكن توجد قرائن ومُرَجِّحَات أُخرى تميل بهذا القول، وتجعله مقدَّمًا علَى غيره، وقد تكون الأقوال متعادلة -كما نرى في كثيرٍ من المسائل- والترجيح يكون عند استحالة الجَمْع، فأيضًا أحيانًا يُؤخذ بالأحوط للمسلم، وأحيانًا يؤخذ بما فيه تيسير على الناس؛ لأننا نعلم أن هُناك عزائمُ، وهناك رُخَص، وبعض الناس يتشدد ويقف عند العزيمة، وهذا خطأ في الحقيقة، فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إن اللَّه يحب أن تُؤتَى رُخَصه كلما يكره أن تؤتى معاصيه" (١)، فاللَّه -سبحانه وبحمده- عندما رخَّص لك ويسَّر لك في هذا الأمر؛ فلماذا نطرح هذه الرخصة وندَعها؟

إذًا، عندما نعمل بالرخصة قد نكون قد استجبنا لربنا، وعملنا بما جاء في سنة نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* قوله: (وَسَبَبُ الخِلَافِ: أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ الثَّابِتُ: أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّي "فَإِذَا كَانَ فِي وَتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا" (٢)).

إذًا، هذا الحديث نصٌّ في جلسة الاستراحة إذا كان المصلي في وتر من صلاته.

ونقصد بالوتر هنا الركعات المُفردة، أي: الركعة الأولى أو الثالثة، أما الثانية فكما نعلم فيها إما الجلسة الأولى في الصلاة الرباعية أو الثلاثية، أو الجلسة الأخيرة بالنسبة للصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد.

إذًا هذا الحديث نصٌّ، وهو عند البخاري في "صحيحه": "أن


(١) أخرجه أحمد في "المسند" (٥٨٦٦) عن ابن عمر قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته" وصححه الأرناؤوط.
(٢) أخرجه البخاري (٨٢٣) عن مالك بن الحويرث الليثي، "أنه رأى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>