للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هؤلاء هل الواجب هنا السجود على الوجه؛ لأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعض الأحاديث قال: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة. . . " (١)، وأشار إلى الأنف، فيكون معنى هذا أن الأنف والجبهة شيء واحد، فهل يقتصر على هذا؟ هذا هو مدار الكلام.

وبعض العلماء (٢) -وهم قلة- يقولون: إن الأكمل في السجود أن يسجد على جميع الأعضاء، لكن لو ترك شيئًا منها غير الوجه، كأنْ يقتصر على الأنف وحدها هل تصح صلاته؟

الجواب: الذين قالوا بعدم وجوب السجود إلا على الوجه حُجتهم الحديث "سجد وجهي للَّه"، وقالوا إن السجود يكون على الوجه دون غيره، فلو أن إنسانًا وضع يده لا يقال سجد، لكن لا ننسى أن السجود لا يمكن أن يكون على الوجه إلا بانضمام الأعضاء إليه، وإلا فهل يمكن أن يسجد الإنسان دون أن يستعين ببقية أعضائه؟ بالطبع لا يمكن، بل إن الإنسان عندما يسجد في الصلاة بغير أن يضع كفيه على الأرض مع ركبتيه ويديه، فلا بد وأنه يحتاج إلى بعض هذه الأشياء، وكذلك الإنسان أيضًا عندما يسجد سجدة الشكر والتلاوة وغيرهما فإنه يحتاج إلى هذه الأعضاء.

إذًا، إن قلنا إن السجود في الأصل يطلق على الوجه؛ فهذا هو الأصل، لكن السجود لا يتم إلا بانضمام هذه الأعضاء إلى الوجه، هذا هو القول الصحيح.


(١) أخرجه مسلم (٤٩٠/ ٢٣٠) عن ابن عباس.
(٢) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٣٧٠) حيث قال: "وقال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي في القول الآخر: لا يجب، السجود على غير الجبهة؛ لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سجد وجهي" وهذا يدل على أن السجود على الوجه، ولأن الساجد على الوجه يُسمَّى ساجدًا، ووضع غيره على الأرض لا يُسمَّى به ساجدًا، فالأمر بالسجود ينصرف إلى ما يُسمَّى به ساجدًا دون غيره ولأنه لو وجب السجود على هذه الأعضاء لوجب كشفها كالجبهة".

<<  <  ج: ص:  >  >>