للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجزئيات المنتشرة موجودة في مذهب مالك، لكنه لا يريد أن يعرض لها، فكأنه يقول إنها فروع ولذلك يطول بنا الوقت، لذلك فقد التزم بأمهات المسائل، ولا يخرج عنها، وعندما نرتبط بأمهات المسائل يُسهى علينا أن نعرِّف الجزئيات المتفرعة؛ لأن كل ما أشكل علينا في مسألة لا نردها إلى أصلها، وهذا هو المنهج، فكيف استطاع المتأخرون من تلاميذ الأئمة أن يتلمسوا، وأن يعرفوا العلل التي بنَى الأئمة مذاهبهم عليها؟

تتبعوا تلك الفروع، وأخذوا يبحثون عن علل الأحكام حتى وصلوا إليها، فلما وقفوا عندها أخذوا يخرجون عن أقوال أئمتهم، وهذا هو الفقه.

* قوله: (وَعِنْدَ فُقَهَاءِ الأَمْصَارِ).

يقول: إن هذا موجود في المذهب، لكنه ليس خاصًّا به، لكنه موجود عند فقهاء الأمصار، وفقهاء الأمصار إذا أُطلِقُوا فالمقصود بهم الأربعة، لكن حقيقة الأمر ليس قاصرًا عليهم، بل هناك من الأئمة لا يقِلُّ مرتبة عنهم، كالأوزاعي في الشام، والثوري، وغيرهم.

* قوله: (وَفي البُخَارِيِّ كَانُوا يَسْجُدُونَ عَلَى القَلَانِسِ وَالعَمَائِمِ (١). وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ إِبْرَازَ اليَدَيْنِ فِي السُّجُودِ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ نَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ، وَلَا نَكْفِتَ ثَوْبًا، وَلَا شَعْرًا" (٢)).

نكفت ثوبًا ولا شعرًا، أي لا نرفعه ونتركه مرخيًّا على حاله.


(١) أخرجه البخاري تعليقًا (١/ ٨٦) وقال الحسن: "كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه".
قال ابن حجر في "فتح الباري" (١/ ٤٩٣): "وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن هشام بن حسان عن الحسن أن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته وهكذا رواه ابن أبي شيبة من طريق هشام".
(٢) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>