للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للصلوات الخمس المعروفة التي نعرفها، والتي لها أوقات محددة، والتي صلَّى بها جبريل برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند البيت مرتين (١)، وبيَّن له الأوقات التي هي: صلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، فكل هذه هي التي نريد أن نتكلم عن حكمها، وهي التي تجب لها الجماعة، والعلماء قد اختلفوا -كما ذكرنا- في هذه المسألة، ولا شك أن كل رأي له دليله، لكننا -كما قدَّمنا- لا ننجذب وراء كثرة الأقوال، ولا يأخذنا أن يكون هؤلاء فريق أكثر، فيكون قوله هو الحق، فقد يكون الحق مع الأكثر، وقد يكون مع الأقل، وقد يكون مع الوسط؛ إذًا هناك من العلماء من يرى أن صلاة الجماعة سُنة.

وهنا قضية من القضايا المهمة جدًّا، وهي أنه قد يقول قائل: لماذا قال الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك -رحمهما اللَّه- وهما إمامان مشهوران، وكذلك في رواية للإمام الشافعي، كيف يقول هؤلاء بأن صلاة الجماعة سنة (٢)؟


(١) أخرجه أبو داود (٣٩٣) عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أمني جبريل عليه السَّلام عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي يعني المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله، وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر" ثم التفت إلي فقال: "يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين" وصححه الألباني في "المشكاة" (٥٨٣).
(٢) ذهب الحنفية -في الأصح- وأكثر المالكية، وهو قول للشافعية إلى أن صلاة الجماعة في الفرائض سنة مؤكدة، وذهب الشافعية -في الأصح عندهم-، إلى أنها فرض كفاية، وذهب الحنابلة، وهو قول للحنفية والشافعية إلى أنها واجبة وجوب عين وليست شرطًا لصحة الصلاة. خلافًا لابن عقيل من الحنابلة، الذي ذهب إلى أنها شرط في صحتها قياسًا على سائر واجبات الصلاة وإليك تفصيل كلامهم:
مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار" وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (١/ ٤٥٧) حيث قال: "صلاة الجماعة واجبة على الراجح في المذهب أو سنة مؤكدة في حكم =

<<  <  ج: ص:  >  >>