للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك من المذهب الحنبلي مَن يأخذ بهذا الرأي ويُعَضِّده ويُؤيِّده من المتقدمين والمتأخرين.

إذًا، المسألة فيها خلاف، والكلام فيها فيه تفصيل، لكننا نحاول أن نُلِمَّ به، إذْ لا نريد دائمًا أن ندخل في الخلافات والتفريعات الطويلة في مثل هذا الشرح والتعليقات، لكن أيضًا لا نريد أن يفوتنا شيء من الأمور المهمة؛ لأنه كما هو معلوم أن المساجد بُنِيَت لهذه الصلاة، واللَّه -سبحانه وتعالى- قد بيَّنَ أهمية المساجد، والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّنَ صلاة الجماعة وفضلها.

* قوله: (فِي هَذَا الفَصْلِ مَسْأَلَتَان، إِحْدَاهُمَا: هَلْ صَلَاةُ الجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ أَمْ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ. المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ المَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّى، هَلْ يجِبُ عَلَيْهِ أنْ يُصَلِّيَ مَعَ الجَمَاعَةِ الصَّلَاةَ الَّتِي قَدْ صَلَّاهَا أَمْ لَا؟) (١).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "العناية شرح الهداية" للبابرتي (١/ ٤٧٣) حيث قال: "وقوله: (ويدخل مع القوم) الدخول ليس بحتم؛ لأن الذي يصلي معهم نافلة ولا إلزام فيها، والأفضل الدخول؛ لأنه في وقت مشروع ويندفع عنه تهمة أنه ممن لا يرى الجماعة. وإن قيل: يلزم أداء النفل مع الجماعة خارج رمضان وهو مكروه. أجيب بأن الكراهة إذا كان الإمام والقوم متنفلين، وأما إذا كان الإمام مفترضًا فلا كراهة".
مذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الدسوقي" (١/ ٣٢٠ - ٣٢١) حيث قال: "واعلم أن من وجد الإمام في التشهد فدخل معه فظهر بسلامه أنه في التشهد الأخير فمن الواجب عليه إتمام فرضه الذي أحرم به ثم إن أدرك جماعة أعاد معهم إن شاء وكانت الصلاة مما تعاد هذا هو المنصوص في المسألة في العتبية وغيرها ولم يذكروا في هذه أمره لا بقطع ولا بانتقال إلى نفل وهو حكم ظاهر لأنه شرع في فرض فلا نبطله لصلاة الجماعة وهي سنة".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (١/ ٢١٢) حيث قال: "من صلى مكتوبة مؤداة ولو في جماعة، ثم أدرك جماعة، أو وجد منفردًا استحب أن يعيدها معهم، أو معه في الوقت ولو كان وقت كراهة، أو كان إمام الثانية مفضولًا؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- "صلى الصبح فرأى رجلين لم يصليا معه فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: صلينا في رحالنا. فقال: "إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصلياها معهم فإنها لكما نافلة". . . وخرج بالمكتوبة أي على الأعيان المنذورة". =

<<  <  ج: ص:  >  >>