للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا إذا سمع النداء فإنه يؤخذ هذا من الحديث، وليس معنى هذا أنه لو كان إنسانًا أصمَّ، أو لا يسمع، أو في مكانٍ مُغلَق عليه بالنوافذ -على سبيل المثال-، فقد يكون بينك وبين المسجد أمتارًا ولا تسمع النداء، كمن يعمل مكيِّفًا للهواء ويغلق النوافذ، فليس هذا هو المراد، إنما المراد أنه إذا وجد مؤذنًا سواء سمع أو لم يسمع، وهذا أيضًا فيه خلاف للعلماء.

* قوله: (أَمَّا المَسْأَلَةُ الأُولَى؛ فَإِنَّ العُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِيهَا).

أي: اختلفوا في حكم صلاة الجماعة للصلوات الخمسة المفروضة.

* قوله: (فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ) (١).

نعم، هو كما ذكر جمهور الفقهاء، حيث ذهبوا إلى أنها سُنة، ونحن عندما نقول الجمهور؛ فإننا نعني بهم الفقهاء، ولا شك أنَّ الإمامين أبا حنيفة ومالكًا، ورواية للشافعي، وهي رواية في مذهب أحمد -وإن لم تكن قوية-؛ هؤلاء جميعًا يذهبون إلى أنها سُنة، ويستدلون على هذا بعدة أدلة:

أولًا: حديث "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة" (٢).


= مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٤٥٢) حيث قال: " (و) تجوز (إعادة جماعة إذا أقيمت وهو في المسجد ولو مع غير إمام الحي وسواء كان صلى جماعة أو وحده، في كل وقت منها) أي من أوقات النهي لما روى يزيد بن الأسود قال: "صليت مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الفجر، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين لم يصليا معه فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ " فقالا: يا رسول اللَّه قد صلينا في رحالنا. فقال: "لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكم نافلة" وهذا نص في الفجر، وبقية الأوقات مثله، ولأنه متى لم يعد لحقته تهمة في حق الإمام وظاهره: إذا دخل وهم يصلون لا يعيد خلافًا لجماعة".
(١) تقدَّم قولهم بالتفصيل.
(٢) أخرجه البخاري (٦٤٦)، ومسلم (٦٤٩) بلفظ عن أبي سعيد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "صلاة الجماعة تعدل خمسًا وعشرين من صلاة الفذ".

<<  <  ج: ص:  >  >>