للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: "تفضُل صلاة الجماعة عن صلاة الفذ بسبعٍ وعشرين درجة" (١).

ثانيًا: قصة الرجلين اللذَيْن جاءا في مسجد الخيف، وجلسَا في مؤخِّرة المسجد ولم يصليا مع القوم، فاستدعاهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ " فقالَا: صلينا في رحلنا، فأرشدهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "إذا صليتما في رحالكما وأتيتما مسجد جماعة فصليا، فإنها تكون لكما نافلة" (٢).

ثالثًا: حديث أبي ذر -رضي اللَّه عنه-، كيف أنت إذا كان عليك أُمَراء يؤخِّرون الصلاة عن وقتها؟ قال: فما تأمرني؟ قال: "صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّ فإنها تكون لك نافلة أخيرة" (٣).

وجه الدلالة من هذه الأدلة، لأننا ينبغي في هذا المقام أن نبين ذلك؛ لأن هذه مسألة مهمة وجوهريَّة، لا ينبغي أن نمر عليها مرور الكرام.

فهؤلاء يقولون إن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ، وكلمة "أفضل" اسم تفضيل -كما هو معلوم-، واسم التفضيل دائمًا يأتي للموازنة بين شيئين أحدهما متقدِّم والآخَر متأخِّر (٤)، يكون المتقدم أفضل من


(١) أخرجه البخاري (٦٤٥)، ومسلم (٦٥٠) عن ابن عمر.
(٢) أخرجه النسائي (٨٥٨) عن يزيد بن الأسود العامري، قال: شهدت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه قال: "عليَّ بهما". فأتي بهما ترعد فرائصهما فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: يا رسول اللَّه إنا قد صلينا في رحالنا. قال: "فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة" وصححه الألباني في "المشكاة" (١١٥٢).
(٣) أخرجه مسلم (٦٤٨) عن أبي ذر، قال: قال لي رسول اللَّه: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ -أو- يميتون الصلاة عن وقتها؟ " قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم، فصل، فإنها لك نافلة" ولم يذكر خَلَفٌ: عن وقتها.
(٤) يقصد أن اسم التفضيل يفضل المتقدم على المتأخر؛ فاسم التفضيل هو الوصف =

<<  <  ج: ص:  >  >>