للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأخر، فتقول: "زيد أفضل من بكر"، فأنت في هذه الحال لم تنفِ الفضل عن بكر، ولكنك أعطيت زيدًا فضلًا أكثر؛ وعلى هذا فَهُم يقولون في هذه الحالة إلن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ، فيكون هذا الحديث أثبَتَ الفضل للطرفَيْنِ سواء مَن صلَّى منفردًا أو مَن صلَّى في جماعة، لكنه ميَّزَ بينهما، فأعطَى مَن صلَّى في جماعةٍ فضلًا أكبر، وحدَّدَهُ في روايةٍ: "بخمس وعشرين درجة" (١)، وفي أُخرى: "بعشرين درجة" (٢)، وفي ثالثة: "بسبع وعشرين درجة" (٣).

وعلى هذا، فالفضل ثبت للاثنين معًا، لمن يصلي في جماعة، ولمن يصلي منفردًا؛ قالوا: لو كانت صلاة جماعة واجبة لما ثبت الفضل لِمَن صلَّى منفردًا؛ لأنكم تقولون صلاة الجماعة شرط، والشرط لا يصح المشروط إلا بوجوده، أو تكون فرض عين، وإذا كانت فرض عين، فمعنى ذلك أنَّ مَن تركها آثِم.

وكيف يُقال عن إنسانٍ آثم في ارتكاب أمرٍ يحصل له الفضل بسببه؟! إذًا، هذا خلافُ مَا أخبَر به الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

هكذا قالوا، ونحن ننقل رأيهم وتعليلهم، وليس معنى ذلك أننا معهم، لا يلزم.

فهؤلاء أخذوا من هذه المفاضلة أنَّ الفضل ثبت للطرفين، لمن يصلي الصلاة المفروضة منفردًا، ولمن يصليها في جماعة.

وهذا في غير حق المعذور؛ لأن المعذور أمره يختلف إن كان لديه عذر من خوف أو مرض، وغير ذلك من أعذار سيأتي الكلام عنها، لكننا نتكلم عن إنسانٍ قادر لم يحل به عذر، ويستطيع أن يصلي


= المبني على (أفعل) لزيادة صاحبه على غيره في أصل الفِعل. يُنظر: "شرح التصريح على التوضيح" لخالد الأزهري (٢/ ٩٢).
(١) تقدَّم تخريجها.
(٢) لم نقف عليها.
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>