للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في المسجد، ولا يلحقه ضرر بذلك؛ حينئذ هذا هو الذي نتكلم عنه.

ووجه استدلالهم بقصة الرجلين: "ما منعكما أن تصليا مع الجماعة" قالَا: "صلَّينا في رحلنا" (١). أنهم قالوا: إن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ينكر عليهما أنهما صلَّيَا في رحلهما، ولم يسألهما، لِمَ صلَّى كل منكما وحده؟ لكنه أنكر عليهما صنيعيهما؛ لأنهما اعتزلَا الناس.

أما قصة الرجل الآخر الذي اعتزل المصلين (٢)؛ لأن هذا أمر منكر، فالآن لو أُقِيمَت الصلاة ووُجِدَ إنسان في زاوية، وكل الناس ينظرون إليه، كيف لهذا أن يتخلى عن صلاة الجماعة؟

إذًا، فقد أوقعَا نفسَيْهمَا في رِيبةٍ وشكٍّ؛ ولذلك سيأتي الكلام لاحقًا عمَّن دخَل المسجد ووجد النَّاس يُصلُّون، فهل يصلي معهم أو لا؟

ثم يختلفون فِيمَن صلَّى الصلاة في جماعةٍ ومَن صلَّاها سابقًا منفردًا.

وأيضًا بعضهم يرَى أن الإنسان لو مرَّ بمسجدٍ وقد صلَّى؛ لا ينبغي أن يدخل، لكنه لو دخل فينبغي أن يصلي، أقل ما يكون في الأمر أن يبعد عن نفسه الشبهة؛ حتى لا يُرمَى بالنفاق.

إذًا، هنا قالوا: والرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ينكر عليهما صلاتهما في رحلهما، ولم يقل بأن صلاة الجماعة واجبة، بالرغم من أن هذا موطن يتطلب البيان، لكن مع ذلك فقد أرشدهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ذلك الأمر؛ فقالوا: لو كانت صلاة الجماعة واجبة، لبيَّنَ لهم الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك، وهذا أهم ما يستدل به أصحاب هذا القول.

والمصنف كان يقصد بالجمهور: الحنفية، والمالكية، وهي أيضًا


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) كأنه يعني حديث معاذ الذي تقدم، قد أخرجه البخاري (٦١٠٦)، ومسلم (٤٦٥) عن جابر بن عبد اللَّه؛ أن معاذ بن جبل -رضي اللَّه عنه-، كان يصلي مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة، فقرأ بهم البقرة، قال: فتجوز رجل فصلى صلاة خفيفة. . . الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>