للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا البَعْضَ بِالثُّلُثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّهُ بِالثُّلُثَيْنِ، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَحَدَّهُ بِالرُّبُعِ، وَحَدَّ مَعَ هَذَا القَدْرَ مِنَ اليَدِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ المَسْحُ، فَقَالَ: إِنْ مَسَحَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصَاجَ، لَمْ يُجْزِهِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ يَحُدَّ فِي المَاسِحِ وَلَا فِي المَمْسُوحِ حَدًّا) (١).

لكن مَنْ قالوا: إنَّ بعضَ الرَّأس هو الفرض، يَخْتلفون اختلافًا كثيرًا، فنجد أن أصحاب مالكٍ منهم مَنْ قال: يُقْتصر على الثُّلُثين. ومنهم مَنْ قال: الثُّلُث. ومنهم مَنْ قال غير ذلك، والحنفية منهم مَنْ قال: الرُّبُع. ومنهم مَنْ قال دون ذلك، والشافعية منهم مَنْ قال: ثلاث شعرات. ومنهم مَنْ قال: يكفي شعرة واحدة، ثمَّ يَخْتلفون في الماسح أيضًا، فالشافعيَّة يقولون: أقل ما يُجْزئ هو ثلاثة أصابع أو إصبع واحدة، ولكنَّها كل جزئياتٍ، اختلفوا فيها داخل المذهب، وكل العلماء الذين رأيتهم يخالفون في مسألة المقدار الواجب من مسح الرأس يرون أن الأفضلَ إنما هو مسح جميع الرأس خروجًا من الخلاف.

• قوله: (وَأَصْلُ هَذَا الاخْتِلَافِ فِي الاشْتِرَاكِ الَّذِي فِي البَاءِ فِي كلَامِ العَرَبِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا مَرَّةً تَكُونُ زَائِدَةً، مِتْلَ قَوْله تَعَالَى: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} [المؤمنون: ٢٠]، عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ {تَنْبُتُ} بِضَمِّ التَّاءِ وَكسْرِ البَاءِ مِنْ (أَنْبَتَ) (٢)، وَمَرَّةً تَدُلُّ عَلَى التَّبْعِيضِ مِثْلَ قَوْلِ القَائِلِ: أَخَذْتُ بِثَوْبِهِ وَبِعَضُدِهِ) (٣).


(١) قَوْله: "وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ يَحُدَّ فِي المَاسِحِ وَلَا فِي المَمْسُوحِ حَدًّا": فيه نظرٌ، ولعلَّ الشارح -رحمه الله - قَدْ أجاب عنه.
(٢) يُنظر: "جمهرة اللُّغة" لابن دريد (٣/ ١٢٣٦)؛ حيث قال: "الباء هاهنا زَائدةٌ، وهي باء التَّعْليق، كَمَا قال الله -عز وجل-: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} ".
(٣) يُنظر: "فقه اللغة وسر العربية" للثعالبي (ص ٢٤٢)؛ حيث قال: "الفصل الثالث والأربعون: في الباءات، منها باء زائدة، وقد تقدَّم ذِكْرُهَا، ويُقَال لبعضها: باء التبعيض، كما قال عزَّ وجلَّ: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} أيْ: بعضها".

<<  <  ج: ص:  >  >>