للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدار الخلاف يدور حول الحديث الذي ذكره المؤلف، وهو قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَؤُمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب اللَّه" (١).

إذًا هذه رتبة أولى يَعقبها ثانية: "فإن كانوا في القِراءة سواء: فأعلمهم بالسُّنَّة، فإن كانوا في السُّنَّة سَوَاء؛ فأقدمهم هجرة"، وفي رواية: "فأقدمهم سِلْمًا" (٢)؛ أي: إسلامًا.

إذًا "يَؤُمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب اللَّه"، ومعنى يؤم: يتقدم؛ مِن أَمَّ يَؤُمُّ (٣).

أمَّا المأموم فهو مِن ائتم يَأتم، أي: اقتدى (٤). إذًا هناك إمامٌ ومُأْتَمٌّ.

فالإمامُ: هو الذي يَتقدم الناسَ، ويُصَلِّي بهم.

ومن الأدلة التي تدل على تقديم الأقرأ على الأفقه: أنَّ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا اجتمع ثلاثةٌ فليَؤمهم أحدُهم، وأحقُّهم بالإمامة أقرأُهم"، والحديث في "صحيح مسلم" (٥).

وروي عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنه- أنَّه لمَّا قدم المهاجرون الأولون، فنزلوا موضعًا في قباء تَقدمهم سالم مولى أبي حذيفة، قال: "وكان أكثرُهم قرآنًا" (٦)، وكان من بينهم عمر بن الخطاب.


(١) أخرجه مسلم (٦٧٣/ ٢٩٠)، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السُّنَّة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سِلْمًا، ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تَكرمته إلا بإذنه".
(٢) نفس الرواية السابقة.
(٣) أمَّ يؤمُّ أمًّا، إِذا قصد للشَّيْء. انظر: "جمهرة اللغة" لابن دريد (١/ ٥٩).
(٤) ائتَمَّ به: أي اقتدى. انظر: "شمس العلوم"، لنشوان الحميري (١/ ١٤٥).
(٥) أخرجه مسلم (٦٧٢/ ٢٨٩) عن أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-.
(٦) أخرجه البخاري (٦٩٢)، ولفظه: عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما-، قال: "لما قدم المهاجرون الأولون العصبة -موضع بقباء- قَبل مَقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرُهم قرآنًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>