للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكتباتنا الإسلامية، وقد يبلغ أحدُهم ما لم يبلغ الآخر، وقد يصحُّ الحديث عند هذا، ولم يصح عند الآخر.

* قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ: يَؤُمُّ القَوْمَ أَفْقَهُهُمْ لَا أَقْرَؤُهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ).

قد ذكر مالكٌ والشافعيُّ الحكمَ بتقديم الأفقه متصلًا بعلته، لماذا تقدمون الأفقه؟

قالوا: لأنَّ المصلي بشرٌ، فقد يَنسى، وقد يَضطرب في أمرٍ من أمورِ الصلاة، أو يُحْدِث حَدَثًا من الأحداث، أو يَنوبه شيءٌ في صلاته، فمن الذي يتخلص من ذلك؟ هو الفقيهُ المُدْرِكُ (١).

* قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَالثَّوْرِيُّ (٣)، وَأَحْمَدُ: "يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ").

هناك مَن يثير قضية؛ وربما سُئل عنها أحد الأئمة، وأظنُّه الإمام أحمد حول هذا الحديث وما يتعلَّق به، وهو حديث أبي مسعود عن تقديم رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكرٍ في مرضهِ، يعني: قَدَّم أبا بكر ولم يكن أقرأَ الصحابة، فأشار إلى أنَّ تقديمَ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما كان لأمرٍ آخر؛ وهو الخلافةُ، يعني: أنَّه استخلفه في هذا الأمر، ولا يشترط في الخلافة أن يكون أفقه الناس، أو أقرؤهم (٤).


(١) سبق ذكر هذا.
(٢) سبق ذكر أن مشهور مذهب الأحناف على أن الأولى بالإمامة هو الأفقه.
(٣) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٢/ ٣٥٢)، وفيه قال: "وقال الثوري: يؤمهم أقرؤهم، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن استووا فأسنهم".
(٤) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ١٣٤)، وفيه قال: "قيل لأبي عبد اللَّه: حديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُرُوا أبا بكر يُصَلِّي بالناس"، أهو خلاف حديث أبي مسعود؟ قال: لا، إنما قوله لأبي بكر -عندي-: "يصلي بالناس" للخلافة، يعني: أن الخليفة أحق بالإمامة، وإن كان غيره أقرأ منه، فأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أبا بكر بالصلاة يدل على أنه أراد استخلافه".

<<  <  ج: ص:  >  >>