للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَطَّل بعضَ أحكام الشريعة الإسلامية (١).

وقبل أن ندخل في هذا الموضوع نحب أن نُذكِّر بقول الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة؛ كلها في النار إلا واحدة". قلنا: مَن هي يا رسول اللَّه؟ قال: "الجماعة" (٢). وفي رواية أُخرى: "مَن كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" (٣).

وقد توسع العلماء بما يتعلَّق بإمامة الفاسق، والفسق ليس نوعًا واحدًا؛ فهناك مبتدع يدعو إلى بدعته، وهناك مبتدع يُصِرُّ على بدعته ولا يَهجرها، وشتان بين الاثنين (٤).


(١) مَن الذين عطلوا أحكام اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وشرائعه ما يعرفون بالجبرية الذين ينفون أن يكون للعبد قدرة، ويجعلونه كالريشة في مهب الريح.
قال الشيخ حافظ الحكمي: "الجبرية: هم طائفة يعتقدون أن العبد مجبور على أفعاله قسرًا ولا فعل له أصلًا، بل إثبات الفعل للعبد هو عين الشرك عندهم، فهو لا يعمل باختياره طاعة ولا معصية، ولم يكلفه اللَّه وسعه، بل حَمَّله ما لا طاقة له به، ولم يخلق فيه اختيارًا لأفعاله ولا قدرة له عليها، بل الطاعة والعصيان من الأقوال والأعمال هي عندهم عين فعل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فرفعوا اللوم عن كل كافر وفاسق وعاص، وأنه يُعذبهم على نفس فعله، لا على أعمالهم القبيحة، وفي ذلك رَدٌّ منهم على اللَّه تعالى؛ أمره ونهيه ووعده ووعيده وفرضه على عباده جهاد الكفار وإقامة الحدود". انظر: "معارج القبول" (١/ ٣٧٢).
(٢) أقرب رواية للفظ الشَّارح هي ما أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٨/ ٧٠)، عن عوف بن مالك، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "افترقت اليهودُ على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، والذي نفسي بيده لتفترقن أُمَّتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ واحدة في الجنة، واثنتان وسبعون في النار". قيل: يا رسول اللَّه، ومَن هي؟ قال: "الجماعة". وبنحوه أخرحه ابن ماجه (٣٩٩٢)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (١٤٩٢).
(٣) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٨/ ٢٢) عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تَفْترق هذه الأمةُ ثلاثة وسبعين فرقة؛ كلها في النَّار إلا واحدة". قالوا: وما تلك الفرقة؟ قال: "مَن كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي"، وقد أشار الألبانيُّ إلى صحته في أثناء كلامه، وأنه مَحفوظ من حديث أنس. انظر: "السلسلة الضعيفة" (١٠٣٥).
(٤) سبق بيان ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>