للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّك إن صليت خلف الفاسق قد يستمر في فسقه، وقد يتأثر به غيره من المسلمين، ولكن عندما يُهجر الفاسق ويُترك قد يحس أنَّ المجتمع قد أعرض عنه، وأنَّ الناس قد نبذوه (١)، وأنَّه لا مكانةَ له في المجتمع إلَّا أن يَعود إلى رُشده، فيصلح من أموره، وبذلك ربما تستقيم أحوالَه.

ويقولون: إنَّ الذي تصلي وراءه ينبغي أن تأمره بالمعروف، فإن لم يرتاع فلا تُصَلِّ خلفَه، فكيف تصلي وراء إنسان مبتدع (٢)؟!

وكان عبد اللَّه بن عمر يصلي وراء الخشبية -وهم بعض الخوارج- وقد اختلف العلماء في تعريف الخشبية، مَن هم (٣)؟


= على الآخر مُتعينًا، فإن كان أحدهما فاجرًا مثل أن يكون معروفًا بالكذب والخيانة ونحو ذلك من أسباب الفسوق، والآخر مؤمنًا من أهل التقوى، فهذا الثاني أولى بالإمامة، إذا كان مِن أهلها، وإن كان الأول أقرأ وأعلم، فإن الصلاة خلف الفاسق منهيٌّ عنها نهيَ تحريم عند بعض العلماء، ونهي تنزيه عند بعضهم. وقد جاء في الحديث: "لا يَؤُمَّنَّ فاجرٌ مؤمنًا، إلا أن يَقهره بسوط أو عصا". انظر: "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (٢/ ٣٠٦).
(١) يقال: نبذتُ الشيءَ أنبذه نبذًا: إِذا أَلقيته من يدك. وبه سُمِّي النَّبيذ؛ لأن التمر كان يلقى في الجَرِّ وفي غيره. انظر: "جمهرة اللغة"، لابن دريد (١/ ٣٠٦).
(٢) يُنظر: "الفتاوى الكبرى"، لابن تيمية (٢/ ٣٠٨)، حيث ذكر علة نهي العلماء عن عدم تقديم الفاسق، فقال: "والفاسق والمبتدع صلاته في نفسه صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كَرِه مَن كَرِه الصلاة خلفه؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، ومن ذلك أنَّ مَن أظهر بدعة أو فجورًا لا يُرَتَّب إمامًا للمسلمين، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب، فإذا أمكن هجره حتى يتوب كان حسنًا، وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثَّر ذلك حتى يتوب، أو يعزل، أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه. فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان في مصلحة، ولم يَفُتْ المأمومَ جمعةٌ ولا جماعة".
(٣) الخشبية: ضرب من الرافضة. وقيل: الذين يرون الخروج على مَن خالفهم بالخشب. وقيل: الذين حفظوا خشبة زيد بن علي حين صُلِب. وسمعت أبا نصر يقول: الخشبية أصحاب المختار بن أبي عبيد. انظر: "غريب الحديث"، لإبراهيم الحربي (٢/ ٥٤٥)، و"منهاج السنة النجوية"، لابن تيمية (١/ ٣٥، ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>