للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا بقية الصلوات: فإن وجدت مَن تصلي وراءه غير هؤلاء -أقصد أهل الفسق- فصلِّ، ولا تصلِّ وراء أهل الفسق؛ لأن ذهابك إلى التقي وتركك للفاسق ربما يُحيي ضميره، ويعود إلى طريق الرشد (١)، لكن الفاسق الذي لا يدعو إلى بدعته ولا يُجاهر بها فيُصَلَّى وراءه (٢).

والعلماء مختلفون في هذا: فمنهم من يجيز ذلك مطلقًا؛ وهم الشافعية، شريطة ألَّا يَكفر ببدعته، فإن حكم العلماء بكفر هذا الإنسان فلا تجوز الصلاة خلفه؛ لأنَّه بمنزلة الكافر (٣).

* قوله: (فَرَدَّهَا قَوْمٌ بِإِطْلَاقٍ، وَأَجَازَهَا قَوْمٌ بِإِطْلَاقٍ).

١ - مَن أجازها بإطلاق: مذهب الشافعية (٤) والحنفية (٥)، وهي رواية


(١) سبق ذكر هذا.
(٢) فمذهب أهل السنة: جواز الصلاة خلفهم، إذا كان ذلك في الصلوات العامة.
يُنظر: "شرح الطحاوية"، لابن أبي العز الحنفي (٢/ ٥٣٢)، وفيه قال: "ولو صلى خلف مبتدع يدعو إلى بدعته، أو فاسق ظاهر الفسق، وهو الإمام الرَّاتب الذي لا يمكنه الصلاة إلا خلفه؛ كإمام الجمعة والعيدين، والإمام في صلاة الحَجِّ بعرفة، ونحو ذلك - فإن المأموم يصلي خلفه، عند عامة السلف والخلف".
(٣) سيأتي تفصيلُ ذلك.
(٤) مذهبُ الشافعية على كراهة إمامة الفاسق، وأن إمامة غيره ممن هو عدل أولى منه.
يُنظر: "تحفة المحتاج"، لابن حجر الهيتمي (٢/ ٢٩٤، ٢٩٥)، وفيه قال: " (والعدل) ولو قنًّا مفضولًا (أولى) بالإمامة (من الفاسق) ولو حرًّا فاضلًا؛ إذ لا وثوق به في المحافظة على الشروط، ولخبر الحاكم وغيره: "إن سَرَّكُم أن تُقبل صلاتُكم فليَؤُمكم خيارُكم؛ فإنهم وفدُكم فيما بينكم وبين ربكم". وفي مرسل: "صلوا خلف كل بَرٍّ وفاجر"، ويعضده ما صح أن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- كان يصلي خلف الحجاج وكفى به فاسقًا، وتُكره خلفه، وهي خلف مبتدع لم يَكفر ببدعته أشد؛ لأن اعتقاده لا يفارقه". والفاسق الذي تكره الصلاة خلفه ليس كل فاسق، وإنما المقصود به مَن لا يخرج ببدعته وفسقه إلى حد الكفر. انظر: "الحاوي الكبير" (٢/ ٣٢٨، ٣٢٩).
(٥) وكذا إمامة الفاسق مكروهة عند الأحناف.
يُنظر: "البناية شرح الهداية"، للعيني (٢/ ٣٣٣)، حيث قال في كراهة تقديم الفاسق والائتمام به: " (والفاسق؛ لأنه لا يهتم لأمر دينه). ش: فيرد فيه الناس، وفيه تقليل الجماعة، وقلنا نحن والشافعي بجواز إمامته؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "صلوا =

<<  <  ج: ص:  >  >>