للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خلاف بين العلماء أنَّه يجب أن يُختار للإمامة أصلح الناس لذلك، أي: التقي الورع الصالح، فلا ينبغي أن يُختار فاجر مع وجود مؤمن تقي.

* قوله: (فَمَنْ رَأَى أَنَّ الفِسْقَ لَمَّا كَانَ لَا يُبْطِلُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ يَحْتَاجُ المَأْمُومُ مِنْ إِمَامِهِ إِلَّا صِحَّةَ صَلَاتِهِ فَقَطْ -عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ الإِمَامَ يَحْمِلُ عَنِ المَأْمُومِ- أَجَازَ إِمَامَةَ الفَاسِقِ) (١).

لو وجد إمام فاسق لكن فسقه في بعض الأمور؛ كارتكاب الصغائر، ولكن ترك هذا الإمام يترتب عليه ضرر أكبر، نوازن بين المصلحتين؛ لذلك لا ينبغي لإنسان أن يُشدِّد في أمر من الأمور، فالإنسان يُراعي المصلحة؛ لأنَّ الشريعة الإسلامية قامت على مراعاة المصالح (٢).

* قوله: (وَمَنْ قَاسَ الإِمَامَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَاتَّهَمَ الفَاسِقَ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي صَلَاةً فَاسِدَةً، كَمَا يُتَّهَمُ فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يَكْذِبَ لَمْ يُجِزْ إِمَامَتَهُ (٣).


(١) ذكر البغوي علة جواز الصلاة خلف الفاسق بخلاف المبتدع الذي يدعو إلى بدعته، فقال: "والصلاة خلف المبتدع أشد كراهية منها خلف الفاسق؛ لأن فسق الفاسق يفارقه في الصلاة، واعتقاد المبتدع لا يفارقه". انظر: "التهذيب في فقه الإمام الشافعي" (٢/ ٢٦٩).
وكذلك الذين منعوا الصلاة خلف الفاسق قالوا بأن إمامته تحمل ركنًا عن المصلي، فلذلك لا يجوز الصلاة خلفه.
قال القاضي عبد الوهاب: "ولأن الإمامة تتضمن حمل ركن من أركان الصلاة عن المأموم، وهو القراءة، والفاسق لا يؤمن منه تركها، وليست هناك إمارة ولا غالب ظَنٍّ يُؤَمِّننا من ذلك فيه، فيكون المؤتم به مغررًا بصلاته خلفه، ويصير كمَن صلى وحده وشكَّ: هل قرأ أم لا؟ فنقول له: أَعِد صلاتك؛ لأنك على غير يقين من سقوط فرض القراءة عنك، كذلك الائتمام بالفاسق". انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (١/ ٢٨٠).
(٢) سبق ذكر هذا.
(٣) ولذلك قدموا العدل عليه، وذهبوا إلى أن العدل هو عدل الشهادة. وهذا يفهم منه أن الفاسق يمنع من الصلاة خلفه، قياسًا على منعه من الشهادة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>