للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِذَلِكَ فَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ بِتَأْوِيلٍ أَوْ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، وَإِلَى قَرِيبٍ مِنْ هَذَا يَرْجِعُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ مَقْطُوعًا بِهِ أَوْ غَيْرَ مَقْطُوعٍ بِهِ).

مقطوعًا به، أي: يجاهر ببدعته، ويدعو إليها. أمَّا غير مقطوع به: فإنَّه لا يُظهرها، ففوق بين أن يرتكب الإنسان ذنبًا ويدافع عنه ويدعو إليه، وبين من يعتقد فيه ذلك، وبين إنسان أخطأ في أمر ويخفي نفسه (١).

* قوله: (لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مَقْطُوعًا بِهِ، فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مَقدُورٍ فِي تَأْوِيلِهِ، وَقَدْ رَامَ. . .).

رام: أي: قَصَدَ.

* قوله: (. . . أَهْلُ الظَّاهِرِ أَنْ يُجِيزُوا إِمَامَةَ الفَاسِقِ بِعُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ" (٢). قَالُوا: فَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ ذَلِكَ فَاسِقًا مِنْ غَيْرِ فَاسِقٍ (٣)، وَالِاحْتِجَاجُ بِالعُمُومِ فِي غَيْرِ المَقْصُودِ ضَعِيفٌ).


= يُنظر: "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للشيخ الدردير" (١/ ٣٤٥)، وفيه قال: " (قوله وقدم العدل إلخ)، أي: ما لم يكن مقابله أزيد فقهًا، وكذا يقال في الأورع والحر، واعترض قوله: (والعدل) بما حاصله: أن الذي يقابل العدل هو الفاسق فينحل المعنى، وقدم العدل على الفاسق، فيقتضي أن الفاسق له حق في الإمامة، وليس كذلك، وأجاب تت بأن المراد قدم العدل على مجهول الحال، وفيه نظر، لأن الشيء إنما يقابل بنقيضه، ومجهول الحال ليس نقيضًا للعدل، ولا مساويا لنقيضه، بل أخص من نقيضه، فالأولى أن يراد بالعدل عدل الشهادة ولا يلزم أن يكون مقابله فاسقًا، لأنهم قابلوه في باب الشهادة بالمغفل، وهو ليس بفاسق، لأن المراد به مَن يفعل الفعل بحضرته ولا يتنبه له".
(١) سبق ذكر هذا.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) يُنظر: "المحلى بالآثار"، لابن حزم (٣/ ١٢٧)، وفيه قال: "وتجوز إمامة الفاسق كذلك ونكرهه إلا أن يكون هو الأقرأ والأفقه، فهو أَوْلَى حِينَئذٍ من الأفضل، إذا كان أنقص منه في القراءة أو الفقه، ولا أحد بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا وله ذنوبٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>