وكلنا يرى أنَّ سعادته وفوزه واطمئنان نفسه في هذه الحياة ببره بوالديه إن وفقه اللَّه سبحانه وتعالى فأدركهما أو أدرك أحدهما، فهذه سعادة لا تدانيها سعادة، وطمأنينة لا تساويها طمأنينة، ومن يفعل ذلك يحصل على ثواب جزيل، وعطاء كبير من اللَّه سبحانه وتعالى، فاللَّه تعالى سيرفعه ببره درجات، وسيجد ذلك ظاهرًا جليًّا في بر أبنائه به، فاللَّه سبحانه وتعالى لا يُضيع أعمالهم، واللَّه تعالى قد قرن طاعة الوالدين بطاعته فقال:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الإسراء: ٢٣]، وفي الآية الأخرى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[النساء: ٣٦]، وأحد الأبوين إنَّما هي امرأة؛ والمرأة لها رسالة: ورسالتها أن تبقى في بيتها لتتولى تربية أبنائها، وتنشئهم التنشئة الصالحة، ونحن نعلم أنَّ البذرة الصالحة لا تنمو إلا بسقي ورعاية، وفي أرض طيبة صالحة، فإذا كانت الأم طيبة، وعنيت بأبنائها ذكورًا وإناثًا، وربتهم تربية صالحة، فإنها تقدم بذلك خدمة جليلة للمجتمع الإسلامي، إذًا هي جوهرة مصونة، والإسلام عندما أمرها أن تقيم في بيتها، وأن تحفظ نفسها من السهام المسمومة إنَّما أراد لها العزة والكرامة، ولم يُرد لها الذل والمهانة، كما كان الحال في الجاهلية: قال جل وعلا: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[الأحزاب: ٣٣]، ونهاها سبحانه وتعالى عن إبداء الزينة فقال:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور: ٣١]، وهذا النهي لتحفظ المرأة كرامتها، فالإسلام إذًا يحفظها، أمَّا ما يشوش به أعداء الإسلام من غير المسلمين، أو ممن -للأسف- ينتسبون إلى جلدتنا، ويتسمَّون باسم الإسلام، ويقدحون فيه، وأنَّه ليس فيه عدالة، وأنَّه مَيَّز الرجل عن المرأة، لم يدركوا دور هذا الدين، ولا سُمُوَّه، ولم يدركوا جلالته وعظمته؛ لأنَّ هذا الدين إنَّما هو دين جامع عند اللَّه سبحانه وتعالى، فهو الذي أنزله على محمد بن عبد اللَّه، وهو سبحانه وتعالى يعلم ما يصلح هذا البشر: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٤]، {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}[الشورى: ١٣]، {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة: ٤٨].
إذًا كون المرأة لا ترث إلَّا نصف الرجل؛ لأنَّ المرأة لا تتحمل