للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسؤولية الرجل، وكون المرأة شهادتها في بعض الأمور على النصف من شهادة الرجل: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢]، فاللَّه سبحانه وتعالى بَيَّنَ الحكمة في ذلك؛ كونها قد تضل في هذا المقام، والإسلام لم يُقدم المرأة في الولاية؛ لأنَّ الولاية تحتاج إلى قوة وعزيمة، وهذه تتوفر في الرجال ولا تتوفر في النساء، فالمرأة عندها عاطفة ورقة فلا تستطيع أن تنهض بما ينهض به الرجال، لذلك لما طلب أبو ذر -رضي اللَّه عنه- الإمارة -وهو من خِيرة الصحابة، وممن أثنى عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "يا أبا ذر، إنَّك رجل ضعيف، وإنَّها أمانة" (١).

فالرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أرشده إلى أمرٍ مهم، أنَّ الإمارة تحتاج إلى قوة، وأنَّ من ينهض بها يحتاج أن يكون من أهلها، فالصلاح وحده لا يكفي، قد يوجد الصلاح في المرء لكنَّه لا يستطيع أن يسوس الناس، وأن يقودهم إلى ما فيه الخير، فإذا وجد في الإنسان ضعف فإنَّ ذلك يؤثر على سياسته، ويوجد في الإسلام ما يُعرف بالسياسة الشرعية (٢)، فالإمامة إنَّما هي تقدم على الناس، هنا فيما يتعلَّق بالإمامة في الصلاة، وهي نوع من أنواع الإمامة؛ لأنَّ هذا رجل يتقدم في الناس فيقتدون به، فينبغي أن تتوفر فيه شروط، منها: أن يكون من أهل الصلاح، وأن يكون أمينًا (٣)، لذلك بيَّنَ الرسولُ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ الإمام ضامن (٤).


(١) أخرجه مسلم (١٨٢٥/ ١٦)، عن أبي ذر -رضي اللَّه عنه-، قال: قلت: يا رسول اللَّه، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على مَنكبي، ثم قال: "يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا مَن أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها".
(٢) السياسة: هي القانون الموضوع لرعاية الآداب والمصالح وانتظام الأموال. انظر: "البحر الرائق"، لابن نجيم (٥/ ٧٦).
وقال ابن عابدين: بأنها تغليظ جناية لها حكم شرعي حسمًا لمادة الفساد. انظر: "حاشية ابن عابدين" (٤/ ١٥). وانظر: "السياسة الشرعية"، لعبد الوهاب خلاف (ص: ٧).
(٣) سبق ذكر هذا.
(٤) أخرجه أبو داود (٥١٧)، وغيره، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-:=

<<  <  ج: ص:  >  >>