للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو ثور (١)، والمزني من الشافعية (٢)، لكن ليس معنى هذا أننا إذا وجدنا قولًا لبعض العلماء نأخذ به، فهؤلاء من أئمة الأعلام، وعندما قالوا بجواز إمامة المرأة؛ ما قالوا ذلك تشهيًّا، فينبغي أن ننتبه، فلهم وجهة نظر، ولهم تعليل، لكن لا يلزم أن يكون دليل الإنسان أو تعليله مُسَلَّمًا، فقد يستدل لهم بحديث أم ورقة الذي جاء في "سنن أبي داود" وغيره، أنَّ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل لها مُؤذنًا، وأمرها أن تؤم أهلَ دارها (٣)، فما وجه الدلالة من هذا الحديث لهؤلاء؟ وجه الدلالة أنَّهم قالوا: أمرها أن تؤم أهل دارها، فقد أطلق، قالوا: وأهل دارها فيهم الذكر والأنثى، ففي ذلك دليل على أنَّ المرأة تؤم الكل (٤).


(١) انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٩٦)، وفيه قال: "لا يصح الائتمام بالمرأة للرجال والنساء. وأجازه أبو ثور وغيره للرجال والنساء".
(٢) الذي وقفت عليه ما نقله المزني عن الشافعي مِن آثار تدل على جواز إمامتها للنساء، وهو مذهب الشافعية.
يُنظر: "مختصر المزني" (٨/ ١١٧)، وفيه قال: "باب إمامة المرأة (قال الشافعي): أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن ليث، عن عطاء، عن عائشة: "أنها صلت بنسوة العصر؛ فقامت وسطهن"، وروي عن أم سلمة: "أنها أَمَّتْهُنَّ فقامت وسطهن"، وعن علي بن الحسين -رضي اللَّه عنهما- أنه كان يأمر جارية له تقوم بأهله في رمضان، وعن صفوان بن سليم قال: من السنة: أن تصلي المرأة بنساء تقوم وسطهن".
وقال المازري: "لا تصح إمامة المرأة عندنا وعند أبي حنيفة لا رجالًا ولا نساء. وحكى بعض أصحابنا عن الطبري وداود وأبي ثور جواز إمامتها رجالًا ونساء، ورأيت في نقل غيرهم عن أبي ثور والمزني والطبري: أنهم أجازوا أن تؤم الرجال في التراويح إذا لم يكن قارئ غيرها، وتقف خلف الرجال". انظر: "شرح التلقين" (١/ ٦٧٠).
(٣) أخرجه أبو داود (٥٩٢)، عن أم ورقة بنت عبد اللَّه بن الحارث بهذا الحديث، قال: "وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذنًا يُؤذن لها، وأمرها أن تَؤم أهلَ دارها، قال عبد الرحمن: فأنا رأيت مؤذنها شيخًا كبيرًا"، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (٦٠٦).
(٤) ذكر الرجراجي حجة من قال بهذا القول، ثم رد عليه.
يُنظر: "مناهج التحصيل"، للرجراجي (١/ ٣٠١)، حيث قال: "فالأثر: ما خرَّجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>