للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: ولأنَّ المرأة معتبرة في الصلاة؛ لأنَّها تصلي مع الجماعة وتقف وراءهم، إذًا فهي معتبرة في الإمامة، ولأنَّه إذا وجد امرأة قارئة، ولم يوجد من الرجال مَن هو قارئ، والقراءة ركن في الصلاة، فينبغي أن تصلي بهم المرأة؛ لذلك وُجِد في مذهب الحنابلة أنَّه إذا لم يوجد من الرجال قارئ أنَّ للمرأة أن تؤم، هذا قولٌ للحنابلة (١)، وليس هذا القول هو المعروف أو المصحح في المذهب، لكن تؤم في صلاة التراويح وليس في الفرائض، وبشترطون أن تتأخر عن الرجال (٢).


= أبو داود من حديث أم ورقة: "أن الرسول عليه السلام كان يزورها في بيتها، فجعل لها مؤذنًا يُؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها"، إلا أن ظاهر هذا الحديث يدل على أن إمامتها للرجال والنساء جائزة، إلا أن هذا الظاهر مخصوص بما قدمناه".
وذكر ابن الرفعة وجهًا آخر في الرد على الحديث، فقال: "ووجه الدلالة منه: أنه عام في التراويح وغيرها، وفي الرجال والنساء. وجوابه: أن الدارقطني قال: إنما أَذِن لها أن تؤم نساء أهل دارها، ويجب الحمل على ذلك؛ فإنها كانت تؤم في الفرائض؛ ولذلك جعل لها مؤذنًا، والأذان إنَّما يشرع في الفرائض". انظر: "كفاية النبيه في شرح التنبيه" (٤/ ٢٩).
(١) اتفق المذهب على عدم جواز إمامة المرأة للرجال في الفرائض والنوافل، وذهب بعضهم إلى جواز ذلك في صلاة التراويح فقط.
يُنظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (٢/ ٩٥، ٩٦)، وفيه قال: " (وأما المرأة) فلا يجوز أن تؤم رجلًا، ولا خنثى مشكلًا؛ لما روى جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تَؤُمَّن امرأة رجلًا. . . "، وكلامه يشمل الفرض والنفل، ولا نزاع في الفرض، أما في النفل فظاهر كلام الخرقي -أيضًا- المنع، وهو رواية حكاها ابن أبي موسى، وهو اختيار أبي الخطاب وأبي محمد؛ عملًا بإطلاق الحديث. ومنصوص أحمد -في رواية المروذي، وهو اختيار عامة الأصحاب- أنها يجوز أن تؤمهم في صلاة التراويح، وتكون وراءهم. . . (وشرط هذه المسألة): أن تكون قارئة وهم أميون، أو يحسنون الفاتحة أو شيئًا يسيرًا معها".
(٢) ردَّ ذلك ابن قدامة، فقال: "وقال بعض أصحابنا: يجوز أن تؤم الرجال في التراويح، وتكون وراءهم؛ لما روي عن أم ورقة بنت عبد اللَّه بن الحارث: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل لها مؤذنًا يؤذن لها، وأمرها آن تؤم أهل دارها"، وهذا عام في الرجال والنساء.
ولنا: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَؤمَّنَّ امرأة رجلًا"، ولأنها لا تؤذن للرجال، فلم يجز أن تؤمهم؛ كالمجنون. وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها، كذلك =

<<  <  ج: ص:  >  >>