وذكر ابن الرفعة وجهًا آخر في الرد على الحديث، فقال: "ووجه الدلالة منه: أنه عام في التراويح وغيرها، وفي الرجال والنساء. وجوابه: أن الدارقطني قال: إنما أَذِن لها أن تؤم نساء أهل دارها، ويجب الحمل على ذلك؛ فإنها كانت تؤم في الفرائض؛ ولذلك جعل لها مؤذنًا، والأذان إنَّما يشرع في الفرائض". انظر: "كفاية النبيه في شرح التنبيه" (٤/ ٢٩). (١) اتفق المذهب على عدم جواز إمامة المرأة للرجال في الفرائض والنوافل، وذهب بعضهم إلى جواز ذلك في صلاة التراويح فقط. يُنظر: "شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (٢/ ٩٥، ٩٦)، وفيه قال: " (وأما المرأة) فلا يجوز أن تؤم رجلًا، ولا خنثى مشكلًا؛ لما روى جابر، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تَؤُمَّن امرأة رجلًا. . . "، وكلامه يشمل الفرض والنفل، ولا نزاع في الفرض، أما في النفل فظاهر كلام الخرقي -أيضًا- المنع، وهو رواية حكاها ابن أبي موسى، وهو اختيار أبي الخطاب وأبي محمد؛ عملًا بإطلاق الحديث. ومنصوص أحمد -في رواية المروذي، وهو اختيار عامة الأصحاب- أنها يجوز أن تؤمهم في صلاة التراويح، وتكون وراءهم. . . (وشرط هذه المسألة): أن تكون قارئة وهم أميون، أو يحسنون الفاتحة أو شيئًا يسيرًا معها". (٢) ردَّ ذلك ابن قدامة، فقال: "وقال بعض أصحابنا: يجوز أن تؤم الرجال في التراويح، وتكون وراءهم؛ لما روي عن أم ورقة بنت عبد اللَّه بن الحارث: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل لها مؤذنًا يؤذن لها، وأمرها آن تؤم أهل دارها"، وهذا عام في الرجال والنساء. ولنا: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَؤمَّنَّ امرأة رجلًا"، ولأنها لا تؤذن للرجال، فلم يجز أن تؤمهم؛ كالمجنون. وحديث أم ورقة إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها، كذلك =