للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر قد اشتهر، ولم يُعلم أنَّ امرأة أَمَّت رجالًا، ولو ثبت ذلك لنُقل إلينا، ولو كان ذلك جائزًا لبيَّنه الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّه حكم شرعي، والحكم الشرعي يجب بيانه، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، والرسول مُبَلِّغ مُبين عن اللَّه تعالى، وهو لا يؤخر البيان عن وقته (١).

وقد ورد عن الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَؤُمَّنَّ امرأةٌ رجلًا" (٢)، وجاء في أثر عبد اللَّه بن مسعود: "أخروهنَّ من حيث أخرهنَّ اللَّه" (٣).

فالمرأة تؤخر عن الرجال، لا لنقص فيها كما قلنا، ولكن هذه هي منزلتها، ولذلك في الحديث الصحيح: "خبرُ صفوف الرجال أولها، وآخرها شرُّها، وخبر صفوف النساء آخرها، وشرها أولها" (٤).

ولا ننسى أنَّ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- أَذِن أن يُتخذ لأم ورقة مُؤذنًا يُؤذن لها، لذلك يقول الجمهور: لا يجوز لها أن تؤذن لنفسها (٥)، كذلك لا يجوز لها


(١) سبق بيان هذه القاعدة.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٣/ ١٤٩) موقوفًا عن ابن مسعود، قال: "كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يُصلون جميعًا، فكانت المرأة لها الخليل تلبس القالبين تطول بهما لخليلها، فألقي عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول: "أَخِّروهن حيث أخرهن اللَّه"، قال الألباني: "لا أصل له مرفوعًا، والصحيح: أنه موقوف على ابن مسعود كما في "كشف الخفاء". قلت: والموقوف صحيح الإسناد، ولكن لا يحتج به لوقفه، والظاهر أن القصة من الإسرائيليات". انظر: "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (٩١٨).
(٤) أخرجه مسلم (٤٤٠/ ١٣٢).
(٥) يُنظر في مذهب الأحناف: "بدائع الصنائع"، للكاساني (١/ ١٥٠)، وفيه قال: " (وأما) الذي يرجع إلى صفات المؤذن فأنواع أيضًا: (منها:) أن يكون رجلًا، فيُكره أذان المرأة باتفاق الروايات؛ لأنها إن رفعت صوتها فقد ارتكبت معصية، وإن خفضت فقد تركت سنة الجهر؛ ولأن أذان النساء لم يكن في السلف، فكان من المحدثات".
ويُنظر في مذهب المالكية: "الفواكه الدواني"، للنفراوي (١/ ١٧٤)، وفيه قال: "والذكورة: فلا يصح أذان المرأة ولو لنساء، فأذانها بحضرة الرجال حرام، وقيل: مكروه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>