للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمؤلف هنا لم يذكر إلَّا قليلًا من كثيرٍ، فلم يُعرج على جميع جزئيات مسائل هذا الباب المتعلق بالإمامة، وإنَّما ذكر أصول هذا الباب، لذلك سيذكر (السموع)؛ أي: ما نطق به النَّص، كما يذكر ذلك أحيانًا: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللَّه، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسُّنَّة" (١).

إذًا أخذ ما يتعلَّق بالقراءة، لكنَّه لم يتطرق للجزئيات الأخرى المتعلقة بذلك، ومنها التي تتعلق بالورع والصلاح، وغير ذلك.

* قوله: (قَالَ القَاضِي: وَقَصْدُنَا فِي هَذَا الكِتَابِ إِنَّمَا هُوَ ذِكْرُ المَسَائِلِ المَسْمُوعَةِ، أَوْ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ قَرِيبٌ بِالمَسْمُوعِ).

يريد ما نطق به النَّصُّ: "يؤم القومَ أقرؤهم لكتاب اللَّه"، "لا صلاةَ لفرد خلف الصف" (٢). هذه نطق بها الرَّسُول، أو ما هو قريب من ذلك مما هو قريب من النص؛ يعني يقصد به ما نص عليه، أو ما يوافق ذلك المنصوص عليه، وهو ما نعرفه من مفهوم الموافقة، أمَّا المسائل التي تتفرع عن ذلك فلم يَعرض لها، ولذلك ذكرنا من قبل أنَّه ذكر في كتاب القذف؛ فقال: "إن أنسأ اللَّه في عمري -يعني: إن أمد اللَّه في عمري- فسأكتب كتابًا في فروع مذهب مالك"، فلم يكتب في الفروع، وإنَّما كتب في الأصول (٣).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ ابن حبان في "صحيحه" (٥/ ٥٧٩، ٥٨٠)، عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان، عن أبيه، وكان أحد الوفد، قال: "قدمنا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصلينا خلف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما قضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاته إذا رجل فرد، فوقف عليه نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى قضى الرجل صلاته، ثم قال له نبي اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "استقبل صلاتك فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف""، وصححه الألباني في "التعليقات الحسان" (٢١٩٩)، وبنحوه أخرجه ابن ماجه (١٠٠٣)، وصححه الأرناؤوط.
(٣) قال أبو المعالي الجويني في تعريف الفروع: "وأصح ما يقال فيها أن نقُول: كل حكم في أفعال المكَلَّفين لم يقم عليه دلالة عقل، ولا ورد في حكمه المختلف فيه دلالة سمعية قاطعة، فهو من الفروع". انظر: "الاجتهاد" (ص: ٢٧). =

<<  <  ج: ص:  >  >>