للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ إِذَا تَمَّتِ الإِقَامَةُ، وَاسْتَوَتِ الصُّفُوفُ حِينَئِذٍ يُكَبِّرُ (١). وَأَمَّا حَدِيثُ بِلَالٍ فَإِنَّهُ رُوِيَ "أَنَّهُ كَانَ يُقِيمُ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فكَانَ يَقُولُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ". أَخرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ (٢). قَالُوا: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ يُكَبِّرُ وَالإِقَامَةُ لَمْ تَتِمَّ (٣). وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الفَتْحِ عَلَى الإِمَامِ إِذَا ارْتِجَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مَالِكًا (٤)، وَالشَّافِعِيَّ (٥)، وَأَكْثَرَ العُلَمَاءِ أَجَازُوا


(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢/ ٤٧)، عن ابن جريج قال: أخبرني نافع، مولى ابن عمر قال: "كان عمر يبعث رجلًا يقوم الصفوف، ثم لا يكبر حتى يأتيه، فيخبره أن الصفوف قد اعتدلت".
وثبت ذلك أيضًا عن عثمان، أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ١٠٤) وغيره، عن مالك بن أبي عامر: "أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته، قَلَّ ما يَدَعُ ذلك إذا خطب: إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا، فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحَظِّ مثل ما للمنصت السامع، فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف، وحاذوا بالمناكب؛ فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة"، ثم لا يكبر، حتى يأتيه رجال قد وَكَّلهم بتسوية الصفوف، فيخبرونه أن قد استوت، فيُكبر".
(٢) أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (١٤/ ٢٩٢)، بإسناده عن أبي عثمان: "أن بلالًا قال: اشترطت على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا يسبقني بآمين"، وأخرجه أبو داود (٩٣٧). قال الألباني: "إسناده ضعيف؛ لانقطاعه بين أبي عثمان وبلال، وبذلك أعله الدارقطني والبيهقي". انظر: "ضعيف أبي داود - الأم" (١٦٧).
(٣) قال الطحاوي بعد أن ذكر حديث بلال محتجًّا به لمذهب الأحناف: "فكان ما في هذا الحديث ما قد دل أنه كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ في صلاته بعد دخوله فيها طائفة من فاتحة الكتاب قبل فراغ بلال من إقامته، وهذا يدل على ما كان أبو حنيفة يذهب إليه في الإمام: أنه يكبر للصلاة إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، قبل فراغه من إقامته. وقد روي هذا المذهب عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-". انظر: "شرح مشكل الآثار" (١٤/ ٢٩٢).
(٤) انظر: "الجامع لمسائل المدونة"، لابن يونس (٢/ ٦٦٧)، وفيه قال: "قال مالك: وإذا وقف الإمام في قراءته فليفتح عليه مَن كان خلفه، وإن كان هذا في صلاة وهذا في صلاة أُخرى فلا يفتح أحدهما على صاحبه، ولا ينبغي لأحد أن يفتح على مَن ليس معه في صلاة". وانظر: "المختصر الفقهي"، لابن عرفة (١/ ٢٤٨).
(٥) انظر: "البيان"، للعمراني (٢/ ٥٧٩، ٥٨٠)، وفيه قال: "وإن ارتج على الإمام. . . فقد قال الشافعي في موضع: (ولا يُلقن)، وقال في موضع؛ (يلقن). قال أصحابنا: =

<<  <  ج: ص:  >  >>