وفي مذهب الحنابلة. انظر: "كشاف القناع"، للبهوتي (١/ ٤٩٢، ٤٩٣)، وفيه قال: " (ويكره أن يكون الإمام أعلى من المأموم)، لما روى أبو داود عن حذيفة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا أَمَّ الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مكانهم". وظاهره: لا فرق بين أن يقصد تعليمهم أم لا، ومحله إذا كان (كثيرًا، وهو ذراع فأكثر) من ذراع. (ولا بأس بـ) علو (يسير؛ كدرجة منبر ونحوها) مما دون ذراع، جمعًا بين ما تقدم وبين حديث سهل أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على المنبر، ثم نزل القهقرى فسجد وسجد معه الناس ثم عاد حتى فرغ، ثم قال "إنما فعلتُ هذا لتأتموا بي، ولتعلموا صلاتي". والظاهر أنه كان على الدرجة السفلي؛ لئلا يحتاج إلى عمل كثير في الصعود والنزول فيكون ارتفاعًا يسيرًا". وانظر: "المغني"، لابن قدامة (٢/ ١٥٤). وفي مذهب الشافعية. انظر: "مغني المحتاج"، للشربيني (١/ ٤٩٩، ٥٠٠)، وفيه قال: " (قلت: يكره ارتفاع المأموم عن إمامه وعكسه)، أما الثاني فللنهي عنه كما أخرجه أبو داود والحاكم، وأما الأول فقياسًا على الثاني، هذا إذا أمكن وقوفهما على مستو وإلا فلا كراهة، ولا فرق في ذلك بين أن يكونا في مسجد أو لا، (إلا لحاجة) تتعلق بالصلاة؛ كتعليم الإمام المأمومين صفة الصلاة كما ثبت في "الصحيحين"، وكتبليغ المأموم تكبير الإمام؛ (فيستحب) ارتفاعهما لذلك". وانظر: "حاشيتا قليوبي وعميرة" (١/ ٢٨٠). (١) أخرج البخاري (٩١٧) ومسلم (٥٤٤/ ٤٤) عن سهل بن سعد الساعدي: "أن رجالًا أتوه، وقد امتروا في المنبر مِمَّ عُودُه؟ فسألوه عن ذلك، فقال: واللَّه إني لأعرف مما هو، ولقد رأيته أول يوم وُضع، وأول يوم جلس عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أرسل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى فلانة -امرأة من الأنصار قد سَمَّاها سهل-: "مُرِي غلامَك النَّجَّار أن يعمل لي أعوادًا، أجلس عليهن إذا كلمت الناس"، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة، ثم جاء بها، فأرسلت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأمر بها فوضعت هاهنا، ثم رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى عليها وكبر وهو عليها، ثم ركع وهو عليها، ثم نزل القهقرى، فسجد في أصل المنبر ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: "أيُّها الناس، إنما صنعتُ هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي"".