للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَنَّ حُذَيْفَةَ أَمَّ النَّاسَ عَلَى دُكَّانٍ، فَأَخَذَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ، فَجَذَبَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ (١)؟! وَقَدِ اخْتَلَفُوا هَلْ يَجِبُ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الإِمَامَةَ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (٢): أَنَّهُ قَامَ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ (٣). وَرَأَى قَوْمٌ أَنَّ هَذَا مُحْتَمَلٌ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ يَحْمِلُ بَعْضَ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ عَنِ المَأْمُومِينَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ الإِمَامَ يَحْمِلُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا عَنِ المَأْمُومِينَ (٤)).


(١) أخرجه أبو داود (٥٩٧)، وصححه الألباني في: "صحيح أبي داود - الأم" (٦١٠).
(٢) هذا الحديث من أدلة الجمهور الذين قالوا بعدم اشتراط نية الإمامة في الصلاة، كما سيأتي.
انظر: "بحر المذهب"، للروياني (٢/ ٢٥٥)، وفيه قال: "لو افتتح الصلاة بنية الانفراد، ثم جاء آخر فصلى خلفه صحَّ ائتمامه به وإن لم ينو الإمام إمامته، وبه قال جماعة العلماء. وقال الثوري وأحمد وإسحاق: لا يُصَلِّي خلفه إلا أن ينوي الإمام إمامته، فإن لم ينو فسد صلاتهم، واحتجوا بما روي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأطلق قال: "الأئمة ضمناء"، ولا تضمن إلا بعلم العلم، وهذا غلط؛ لما روى عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: "بِتُّ في بيت خالتي ميمونة فقام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأطلق القربة فتوضأ، ثم أوكأ القِربة، ثم قام إلى الصلاة فقمت وتوضأت كما توضأ، ثم جئت فوقفت عن يساره، فأخذني بيمني"، وروي: "فأخذني برأسي، وحولني إلى يمينه"، ولم يكن نوى الإمامة فيها"".
(٣) أخرجه البخاري (١٨٣)، ومسلم (٧٦٣/ ١٨٢) "عن كريب، مولى ابن عباس أن عبد اللَّه بن عباس أخبره أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي خالته، فاضطجعتُ في عرض الوسادة، واضطجع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأهله في طولها، فنام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى إذا انتصف الليل، أو قبله بقليل أو بعده بقليل، استيقظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتوضأ ثم قام يصلي. قال ابن عباس: فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يَفتلها، فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح".
(٤) الجمهور على عدم اشتراط نية الإمامة، وخالف الحنابلة فقالوا باشتراطها. =

<<  <  ج: ص:  >  >>