للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونُقل عن عبد اللَّه بن مسعود الصحابي الجليل: أنَّ الإمام يتوسطهما، فإنَّه قد صلى بصاحبيه الأسود وعلقمة فتوسطهما (١).

ولكن المعروف - والذي تدل عليه الأدلة الصحيحة الصريحة؛ كحديث عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما-، وحديث جابر بن عبد اللَّه، وجَبَّار بن


= لما في مسلم عن جابر بن عبد اللَّه: "قمت عن يسار ر سول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فقام عن يسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخذ بيدينا جميعًا فدفعنا حتى أقامنا خلفه"، ويؤخذ من هذا أنه لو كان واحد عن يمين الإمام أولًا، ثم جاء آخر أنهما يتأخران خلف الإمام ولا يؤمر الإمام بالتقدم أمامهما، بل يستمر واقفًا، وهما المأموران بالتأخر خلف الإمام".
وانظر في مذهب الشافعية: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ٣٣٩)، وفيه قال: "فأمَّا إن أَمَّ رجلين فالسنة أن يقفا صفًّا خلفه؛ لما روى أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أَمَّهُ ويتيمًا فَوَقَفَا خلفه، ووقفت جَدَّة أنس خلفهما، وروي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه أَمَّ جابر بن عبد اللَّه وخَبَّاب بن الأرت، فأقامهما خلفه صفًّا". وانظر: "البيان في مذهب الإمام الشافعي"، للعمراني (٢/ ٤٢٥).
وفي مذهب الحنابلة: السُّنَّة أن يقف المأمومين خلف الإمام، وكذلك لو توسطهم صَحَّ.
قال البهوتي: " (السُّنَّة: وقوف إمام جماعة) اثنين فأكثر (متقدمًا) عليهم؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- "كان إذا قام إلى الصلاة تَقَدَّم وقام أصحابه خلفه"، ولمسلم وأبي داود: "أنَّ جابرًا وجبارًا وقف أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، فأخذ بأيديهما حتى أقامهما خلفه"، والسنة أيضًا: توسطه الصف وقربه منه". انظر: "شرح منتهى الإرادات" (١/ ٢٧٨).
وقال أيضًا: " (ويصح) وقوفهم (معه)، أي: مع الإمام (عن يمينه، أو عن جانبيه)؛ لأن ابن مسعود صَلَّى بين علقمة والأسود، وقال: هكذا رأيت النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل، رواه أحمد، وقال ابن عبد البر: لا يصح رفعه، والصحيح: أنَّه من قول ابن مسعود". انظر: "الروض المربع" (ص: ١٣٤).
(١) أخرجه مسلم (٥٣٤/ ٢٦)، عن الأسود، وعلقمة، قالا: "أتينا عبد اللَّه بن مسعود في داره، فقال: أصلى هؤلاء خلفكم؟ فقلنا: لا، قال: فقوموا فصلوا، فلم يأمرنا بأذان ولا إقامة، قال: وذهبنا لنقوم خلفه، فأخذ بأيدينا، فجعل أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، قال: فلما ركع وضعنا أيدينا على ركبنا، قال: فضرب أيدينا وطَبَّق بين كفيه، ثم أدخلهما بين فخذيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>